رحيل راناجيت غوها: التأريخ بعيداً عن السردية الأوروبية

03 مايو 2023
راناجيت غوها في بورتريه لصحيفة "ذي كشميريات" التي تصدر بالإنكليزية في كشمير
+ الخط -

في سبعينيات القرن الماضي، خرجت إلى الضوء مجموعةٌ من الدراسات التي أُطلق عليها اسم "دراسات التابع"، وهي أعمال بالإنكليزية وضعها مؤرّخون ومفكّرون من جنوب القارّة الآسيوية يؤلّفون بلغة شكسبير، ويدرّس قسمٌ منهم في جامعات بريطانية وأميركية. 

وعُنيت هذه الدراسات بوصف وتفكيك الهيمنة الثقافية والاقتصادية والسياسية للبلاد المستعمِرة على ثقافات البلاد المستعمَرة، أو التابعة لها (sublatern)، مختارة التركيز على المهمّشين والمستغَلّين، في رفض لتمحور الخطاب الفكري العالمي حول أوروبا، أي حول سردية المستعمِر.

عن مئة عام، غادر عالمنا في فيينا، يوم الجمعة الماضي، الثامن والعشرين من نيسان/ أبريل المنقضي، المؤرّخ الهندي راناجيت غوها، الذي يُعَدّ النواة الأساسية التي تشكّلت حولها "مجموعة دراسات التابع" عندما كان يدرّس التاريخ في "جامعة ساسكس" ببريطانيا.

وكان الراحل من أبرز المفكّرين الذين اقترحوا أساليب ومناهج لفهم العالَم بشكل يختلف عن السردية المتمركزة حول الغرب، وهو ما يضع اسمه إلى جانب مفكّرين مثل إدوارد سعيد وفرانز فانون وإيميه سيزير.

ويُعَدّ كتابه "حُكمٌ بالمُلكية للبنغال: مقالة حول فكرة الإقامة الدائمة" ــ وهو عمله الأوّل، الذي كان في الأساس أطروحته لنيل الدكتوراة ــ اليومَ واحداً من المراجع الأساسية حول التاريخ الكولونيالي في الهند، حيث يدرس العلاقة واتفاقيات المصلحة بين السلطات الاستعمارية البريطانية ومالكي الأراضي من "نُبلاء" الهند، بدءاً من نهايات القرن الثامن عشر.

ولم يكن هذا الموضوع بالغريب على غوها نفسه، وهو الذي وُلد (عام 1923) في عائلة غنية من مالكي الأراضي في إقليم باريسال الذي يقع اليوم في بنغلادش. لكنّ الراحل سيبني علاقة مبكّرة مع المزارعين المشتغلين لدى أهله، وهو قربٌ سيحافظ عليه حتى سنواته الأكاديمية، ويقوده للدفاع عن حقوق المهمّشين والبسطاء في الهند وخارجها في العديد من أعماله.

رغم اشتغاله في العمل الفكر والأكاديمي لأكثر من ستّة عقود، إلّا أن راناجيت غوها يُعَدّ مقلّاً في منشوراته، حيث نشر ستّة كتب توزّعت بشكل أساسي بين موضوعين: تاريخ الهند والتنظير لحقل التأريخ، كما يشهد على ذلك آخر كتابين صدرا له: "السيطرة من دون هيمنة: التاريخ والسلطة في الهند الكولونيالية" (1998) و"صوتٌ خفيف للتاريخ" (2009).

الأرشيف
التحديثات الحية
المساهمون