رحل الشاعر والكاتب الباكستاني نصير ترابي (1945 – 2021) مساء الأحد الماضي في مدينة كراتشي متأثراً بنوبة قلبية، وترك وراءه العديد من المجموعات الشعرية، والدراسات حول عدد من شعراء الأردية، إلى جانب مساهماته في تطوير المناهج الدراسية في الجامعات.
وُلد الراحل في حيدر آباد بالهند إبان فترة الاستعمار البريطاني، لوالد كان أحد أبرز علماء الدين في المدينة، لكنه قدِم إلى باكستان بعد انفصالها عن الهند، لينال ابنه درجة الماجستير في "علوم الاتصال الجماهيري" من "جامعة كراتشي" سنة 1968، وعمل في بدايات حياته في شركة تأمين.
بدأ ترابي كتابة الشعر مطلع ستينيات القرن الماضي إلا أنه أصدر مجموعته الأولى عام 2000، غير أن إحدى قصائده التي كتبها عام 1971، معرباً عن حزنه لانفصال بنغلادش عن باكستان، نالت شهرة واسعة حيث اختيرت أغنية لمسلسل درامي باكستاني آنذاك نال رواجاً كبيراً، وأدّتها الموسيقية الباكستانية عبيدة بارفين المعروفة بأغانيها الصوفية.
أولى اهتماماً باللغويات والقواعد المطبقّة على اللغة الأردية وشعرائها
وأشار الشاعر والأكاديمي الباكستاني سحر أنصاري إلى أن رحيله يشكّل خسارة شخصية وثقافية، فقد كان لديه سلوك مثقف تجاه الحياة، موضّحاً أن ترابي أولى اهتماماً إضافياً باللغويات والقواعد المطبقّة على الأردية، وأنه كان مفكراً عميقاً.
وكان ترابي عضواً في عدد من الهيئات الثقافية والأكاديمية في بلاده، وكتب عموداً أسبوعياً في صحيفة "جهان باكستان"، واشتغل على تبسيط قواعد اللغة الأردية في كتاب أصدره عام 2013، وتم اعتماده من قبل مجلس التعليم الثانوي في ولاية السند، كما ساهم في تطوير المناهج الدراسية لنيل درجتي البكالورويس والماجستير في "جامعة همدرد"، وأشرف على العديد من أطروحات الماجستير والدكتوراه حول الشعر والأدب في الثقافة الأردية.
اهتم ترابي في أبحاثه بعدد من شعراء الأردية، وفي مقدمتهم مير أنيس (1803 – 1874) الذي استفاد من معرفته باللغات الفارسية والعربية والسنكسريتية واستعار منها العديد من المفردات والتراكيب في أشعاره التي حملت مضامين دينية تاريخية بأسلوب سردي غنائي.
كما درس تجربة مواطنه الشاعر أحمد فراز (1931 – 2008) ونشر منتخبات منها، وفراز يعتبر من أبرز شعراء الغزل المعاصرين في باكستان، حيث غنّى قصائده العديد من المطربين، لذلك حظي بشهرة واسعة في بلاده، وكذلك في الهند، ولدى المهاجرين من شبه القارة الهندية في مختلف أنحاء العالم.
أصدر ترابي مجموعته الشعرية الثانية بعنوان "العراب" عام 2016، ورغم أنه كان مقلّاً في إصداراته إلا أنه كان مكرّساً حياته للاشتغال على اللغة الأردية والأدب المكتوب فيها طوال أكثر من خمسين عاماً.