ذكرى ميلاد: نبيل المالح.. رؤية المخرج المثقف

28 سبتمبر 2021
(نبيل المالح، 1936 - 2016)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الثامن والعشرون من أيلول/ سبتمبر، ذكرى ميلاد المخرج السينمائي السوري نبيل المالح (1936 – 2016).


نشَر نبيل المالح ـــ الذي تمرّ اليوم الثلاثاء ذكرى ميلاده ـــ قصائد وقصصاً قصيرة في الصحافة السورية، وكذلك رسَم الكاريكاتير، وهو في الخامسة عشر من عمره، وقرّر دراسة الفيزياء النووية في "جامعة براغ"، لكنْ بعد أن انتظم على مقاعد الدرس، كان عليه أن يبحث عن عمل ليغطّي مصاريفه، فقادته الصدفة إلى التمثيل ككومبارس في أحد الأفلام، وحينها قرّر تغيير تخصّصه الجامعي إلى كلّية السينما.

لم ينخرط المخرج السينمائي السوري (1936 – 2016) في العمل الحزبي خلال دراسته، لكن ملاحقة السلطات السورية خلال فترة الوحدة مع مصر، ثم بعد الانفصال، للطلبة الذين يدرسون في البلدان الاشتراكية، جعلته يتنقّل بين عواصم أوروبية لسنوات عدّة.

عاد المالح إلى سورية بعد هزيمة حزيران/ يونيو عام 1967، والتي انعكست تداعياتها على الأدب والفن في العالم العربي، حيث أخرج فيلمه الأول بعنوان "إكليل الشوك" الذي يتناول مأساة فتاة فلسطينية شابة تعيش في مخيم للاجئين بمدينة دمشق، بلغة سينمائية جديدة ستلهم العديد من المخرجين السوريين والعرب في إطار ما سمّي بـ"السينما البديلة".

ألهمت تجربته العديد من المخرجين السوريين والعرب في إطار ما سمّي بـ"السينما البديلة"

وفي عام 1970، أخرج فيلم "نابالم" الذي انتقد فيه السياسات الأميركية في دقيقة ونصف فقط، كما شارك في السنة نفسها في ثلاثية "رجال تحت الشمس" (المخاض، الميلاد، اللقاء) وهي من سيناريو وإخراج محمد شاهين ومروان المؤذن ونبيل المالح، وشاركهم في كتابة السيناريو الشاعر المصري نجيب سرور.  

في مساحة أخرى غير بعيدة عن التزامه الفكري والاجتماع، قدّم المالح فيلمه "الفهد" (1972) الذي يروي قصة فلاح اكتشف بحسّه الفطري أنَ سلطة الإقطاع هي امتداد لسلطة الاستعمار، وتم وضع هذا الفلاح في السجن وانتزعت أرضه منه وأهينت كرامته، فتمكّن من ذلك بعد أن أخذ بندقية أحد الحراس، ثم بدأ صراعه مع الدرك ورجال الإقطاع، ليستحقّ لقب الفهد بسبب قدرته على تنفيذ هجوم خاطف، إلى أن وشى به أحد المقربين منه واقتيد إلى حبل المشنقة. وحقّق الفيلم الذي أنتجته "المؤسسة العامة للسينما" جوائز عديدة، رغم معارضة المؤسسة لإخراجه بداية كونه يمجّد قصة قاطع طريق، بحسب وجهة نظر مسؤوليها آنذاك.

واصل طريقه المختلف في فيلم "السيّد التقدّمي" (1974) الذي تدور أحداثه حول صحافي يحاول فضح شخصية من رموز الفساد في البلاد، والتي بدورها تدبّر مؤامرة من خلال استغلال علاقاتها مع أجهزة الأمن، يُتّهم فيها الصحافي بارتكابه جريمة قتل، إلى جانب فيلم "بقايا صور" المأخوذ عن رواية لحنا مينة تحمل العنوان ذاته.

ويعدّ فيلمه "الكومبارس" (1993) من أبرز أعماله، إذ يعرّي فيه خراب المنظومتين السياسية والاجتماعية في العالم العربي من خلال قصة عاشقين؛ سالم وندى، الأول يعمل في محطة وقود ويدرس بكلية الحقوق، ويقوم في الوقت نفسه بتأدية أدوار ثانوية في المسرح رغم أنه يعاني من التأتأة، ويحلم بان يصبح نجماً كبيراً، بينما حبيبته أرملة تعيش في بيت أخيها.

رغم قلّة الأفلام الروائية التي أخرجها المالح، إلّا أنها شكّلت علامة استثنائية في السينما السورية، والعربية عموماً، إلى جانب عشرات الأفلام التسجيلية والوثائقية التي كانت جزءاً أساسياً من مشروعه الجمالي الفكري، ومنها "حلب" (1965)، و"الصخر" (1978)، و"النافذة" (1978)، و"العتمة المضيئة" (2003)، و"عالشام عالشام" (2006).

المساهمون