ذكرى ميلاد: منيرة المهدية.. لحظة استثنائية في المسرح الغنائي

16 مايو 2021
(منيرة المهدية، 1885 - 1965)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، السادس العاشر من أيار/ مايو، ذكرى ميلاد المطربة المصرية منيرة المهدية (1885 – 1965).


في كتابه "مسيرة المسرح في مصر 1900 - 1935: فرق المسرح الغنائي" يشير الباحث سيد علي إسماعيل إلى أن جريدة "الأخبار" المصرية نشرت في الخامس والعشرين من آب/ أغسطس عام 1915 عن ظهور منيرة المهدية التي تحلّ اليوم الأحذ ذكرى ميلادها كأول ممثلة مصرية تؤدي دور وليم في الفصل الثالث من رواية "صلاح الدين الأيوبي" على خشبة "مسرح برنتانيا" في القاهرة.

وكانت المطربة المصرية (1885 – 1965) قد بدأت حياتها الفنية مغنية في "قهاوي الرقص" المعروفة حتى انتقلت إلى قهوة نزهة النفوس التي اشتُهرت بحلولها فيها، وحين مرِض الشيخ سلامة حجازي جلس في البيت أشهراً عدّة فألحَّ الكثيرون عليها بأن تعتلي المسرح بدلاً منه، وبعد طول إلحاح وافقت على ذلك.

 

ويوضح الكتاب إلى أن "شهر كانون الثاني/ يناير عام 1916 هو الميلاد الفني الحقيقي لفرقة منيرة المهدية"، لافتاً إلى أنها "بدأت عروضها بمسرح سينما باتيه، حيث مثَّلت مسرحية "أنيس الجليس" يوم 6/ 1/ 1916، وانتقلت بها إلى مسرح المجلس البلدي بطنطا يوم 8 كانون الثاني/ يناير، وأيضاً إلى "مسرح الهمبرا" بالإسكندرية في الشهر ذاته.

واستطاعت الفرفة أن تحقق نجاحات موسمية متتالية حتى منتصف الثلاثينيات، حيث قدّمت منيرة معها العديد من المسرحيات، مثل روزينا" و"العابثة بالرجال" و"بائعة الطيب الحسناء" و"علي نور الدين" و"صاحبة الملايين" و"الأميرة الهندية" و"أبو النوم" و"شهداء الغرام" و"المظلومة" و"كيد النساء" و"حياة النفوس" و"عروس الشرق"، وغيرها.

وُلِدت سلطانة الطرب، وهو اللقب الذي أطلق عليها خلال فترة نشاطها، في الإسكندرية واسمها الحقيقي زكية حسن منصور، ورحل والدها وهي لا تزال صغيرة فقامتْ برعايتها أختها الكبرى، وأدخلتْها المدرسة، ولكن زكية تركت المدرسة وعادت إلى قريتها الأم وتدعى المهدية في محافظة الشرقية، وبدأت تغني في القرى والمدن المجاورة، واضطرت إلى تغيير اسمها حفاظاً على تقاليد العائلة، وفي إحدى حفلاتها تصادف حضور صاحب مقهى صغير قرب باب الشعرية بالقاهرة، فعرض عليها الانتقال للعمل في مقهاه.

 

عُرفت منيرة بصفاء صوتها وقوّته، وأسلوبها الخاص في الغناء، وكانت أول مطربة تغني في الإذاعة المصرية، إذ أدّت أغاني مثل "أسمر ملك روحي"، و"أشكي لمين ذل الهوى"، و"يمامة حلوة"، و"تعاليلي يا بطة"، و"حبك يا سيدي"، و"عالماني الماني"، و"يصح يا قلبي تعشق"، و"يا بنت يا بتاعة النرجس"، و"صبرت ونلت"، و"دور أنا عشقت"، و"يالا نملى القناني"، و"النبي يامه تعذريني".

وبدأت تغني أغاني وطنية بعد ثورة 1919 تحث بها الناس على استقلال بلادهم مثل "مصر الجميلة"، و"إن كنت في الجيش"، و"مارش البرلمان"، و"مصر الجديدة"، وفي ذلك الوقت صدر قرار إنكليزي يقضي بحبس أي شخص يذكر اسم سعد زغلول ستة أشهر إضافة إلى عشرين جلدة، فتحايلت منيرة على القرار بأغنيتها الشهيرة "شال الحمام حط الحمام" التي تقول في مطلعها "شال الحمام حط الحمام/ من مصر لما للسودان زغلول وقلبي مال إليه/ أنده لما أحتاج إليه..".

احتجبت منيرة عن الغناء بين عاميْ 1934 و1937 حين أحسّت أن الجمهور لم يعد يستمع إلى غنائها القديم، وبات ينجذب أكثر إلى الأصوات الجديدة وفي مقدّمتها أم كلثوم، لكنها عادت بحفل حضره جمهور كبير وقرّرت إعادة تشكيل فرقتها عام 1938، حيث قدّمت مسرحية "الأميرة روشنارا" من تأليف بديع خيري، وتلحين زكريا أحمد، لكنها لم تتل الإعجاب، فاحتجبت مرة أخرى حتى عام 1948 وحاولت مرة ثانية إعادة تقديم مسرحياتها القديمة، لكن الجمهور كان قد انفض عنها، فدخلت في عزلة من جديد حتى رحيلها.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون