ذكرى ميلاد: سعاد محمد.. صوت استثنائي عانده الحظ

02 فبراير 2021
(سعاد محمد)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الثاني من شباط/ فبراير، ذكرى ميلاد المطربة المصرية سعاد محمد (1926 – 2011).


تتعدّد الروايات حول بدايات سعاد محمد التي تحلّ اليوم الثلاثاء ذكرى ميلادها، لكن يبدو أنها حظيت بإعجاب عدد من المشتغلين في الموسيقى بمصر ولبنان منذ أن غنّت أمامهم طفلة، وبدأت الغناء في الإذاعة وعلى خشبة المسارح بثقة واستعداد كبيرين.

تعلّمت المطربة المصرية (1926 – 2011) أصول التجويد في سن باكرة، إذ أتقنت مخارج الحروف واللغة والنحو، ثم درست العلوم الموسيقية الأساسية على يد عازفي القانون محمود سبليني والعود محمود الرشيدي، كما تلقت تدريباً على الأدوار والموشحات من الملحّن حبيب الدندشلي، وتدرّبت على أصول الغناء على يد الملحّن توفيق الباشا.

 

سعاد محمود المولودة في تلة الخيّاط ببيروت لأب مصري هاجر من الصعيد، وتزوّج امرأة لبنانية، وفي بيت العائلة استمعت إلى والدها الذي كان يتقن فنون الإنشاد الديني، ورغم معارضة الأهل إلا أنها غنّت في عدد من مسارح العاصمة اللبنانية، وهي في العاشرة من عمرها، واشتهرت حينها بأداء أغانٍ لأم كلثوم.

ويُروى أنها التقت بالملحن المصري زكريا أحمد بعد أن قدّمت حفلة في "التياترو الكبير"، وكان ذاك اللقاء في بيت المطربة صباح، حيث غنّت سعاد أمامه أغنية "غلبت أصالح" وأُعجب بصوتها، وتشير بعض المصادر إلى أنه عرض عليها المجيء إلى مصر للغناء هناك، وبغضّ النظر عن صحة الرواية إلا أنها توجّهت في تلك الفترة للغناء في إذاعة دمشق ومنها إلى إذاعة حلب.

 

في عام 1947، قدّمت سعاد أول ألحانها الخاصة من تأليف الملحن السوري محمد محسن، ومنها "دمعة على خد الزمن" و"ليه يا زمن الوفا" و"مظلومة يا ناس" ولاقت نجاحاً واسعاً، وكانت جميع تلك الأغنيات من تأليف الشاعر الغنائي اللبناني محمد علي فتوح الذي سيرتبط بها في زواج استمر سنوات عديدة.

 

انتقلت في السنة التالية إلى مصر مع زوجها، لتشارك في فيلم " فتاة من فلسطين" (1948) من إخراج محمود ذو الفقار، وفيه غنّت للملحن محمد القصبجي والشاعر محمود بيرم التونسي أغنيات "يا مجاهد في سبيل الله"، و"الهلال الأحمر"، و"بنت البلد" و"حبيبة السماء" من تأليف محمود حسن إسماعيل وألحان رياض السنباطي.

في فيلمها الثاني "أنا وحدي" (1952) للمخرج هنري بركات، غنّت من ألحان زكريا أحمد وشعر صالح جودت "هاتوا الورق والقلم"، و"يا رسول الله"، ومن ألحان رياض السنباطي "أنا وحدي"، و"إيه يا دنيا"، و"فتح الهوى"، ومن ألحان محمود الشريف "القلب والا العين"، ولم تشارك بعدها في أيّ فيلم سينمائي إلا بتسجيل غنائي، وربما يعود ذلك إلى عدم نجاجها في التمثيل.

 

حافظت سعاد محمد على ظهورها المتواصل في سورية ولبنان وتعاونها مع ملحنين هناك، في أثناء وجودها في القاهرة، فبالإضافة إلى أغنيات لحنها محمد محسن، لحّن لها حليم الرومي قصيدة "إرادة الحياة" لأبي القاسم الشابي، وفي الفترة نفسها قدمت أغاني فيلم "رابعة العدوية: شهيدة الحب الإلهي" (1963) بطولة عايدة هلال وإخراج نيازى مصطفى، وكانت تلك الأغاني من تلحين رياض السنباطي وأحمد صدقي، والأخير لحّن لها أغنية "من غير حب" وغيرها.

وفي فيلم "الشيماء" (1972) من إخراج حسام الدين مصطفى، قدّمت سعاد محمد أناشيد وابتهالات وحوارات درامية وضع نصوصها الشاعر عبد الفتاح مصطفى، مثل "كم ناشد المختار ربه" و"يا رسول الله" و"يا محمد" و"رويدكم رويكم" و"الله أكبر كبيراً" و"حسبه الله معه" و"طلع البدر علينا" و"لقد نجا" و"واجريحاه" من ألحان بليغ حمدي ومحمد الموجي وعبد العظيم محمد.

كذلك قدّمت مختارات من أدوار وموشحات "أنا هويت" و"ما احتيالي" و"ملا الكاسات" بتوزيع توفيق الباشا خلال السبعينيات، وأغنية "أوعدك" من كلمات مجدي نجيب وألحان محمد سلطان، و"وحشتني" من كلمات صلاح فايز وألحان خالد الأمير.

امتلكت سعاد محمد صوتاً بمساحات عريضة وأداء تعبيري مميز، لكنها لم تأخذها حقّها في مرحلة سيطر عليها أساطين الطرب، وربما يكون أدق وصف لها على لسان رياض السنباطي الذي قال "الحظ لم يواتها". 

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون