تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، 31 كانون الأول/ ديسمبر، ذكرى ميلاد الناقد التونسي توفيق بكّار (1927 - 2017).
لا يزال الناقد توفيق بكّار يحتفظ بمكانة اعتبارية في الحقل الأدبي التونسي، فما أجازه من نصوص يظلّ الأكثر قراءة واهتماماً؛ "السد" و"حدّث أبو هريرة قال" لمحمود المسعدي، و"موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح، و"المتشائل" لإيميل حبيبي...
بفضل "مقدّمات" توفيق بكّار، باتت هذه الأعمال سائدة في الثقافة العامة إلى حد كبير، وهي تمسح مرحلة طويلة من الأدب العربي بدأها في 1969 بتقديم قصّة "من وحي النجوم" لعلي الدوعاجي وصولاً إلى تقديم رواية "جحر الضب" لنور الدين العلوي الصادرة في 2017.
حين جُمعت في كتاب بعنوان "مقدّمات" عام 2002، بدت نصوص بكّار التقديمية مثل كتابة منجّمة للتاريخ الأدبي، أو أنطولوجيا موازية لما أحبّه من نصوص حديثة، وكثيراً ما قيل إن ما كتبه لا يقلّ روعة عن المتون التي تناولها.
مثل شخصيات ثقافية أخرى، أشهرها سقراط ودي سوسير، لم ينكبّ بكّار على التأليف، لقد كانت الكتب التي تحمل توقيعه تجميعات لدروس ومقالات ومحاضرات مقسّمة حسب الأجناس الأدبية، فصدر له كتاب "شعريات" ثم "قصصيات عربية".
لكن أهم إضافة قدّمها الناقد التونسي كانت من خلال الجامعة، حيث غذّاها بالنظريات الأدبية الحديثة من أعمال أستاذه رولان بارت، وجوليان غريماس، وجيرار جينيت، وقد لقّم ذلك بالمعرفة التراثية حول الأدب العربي، في مصالحة نادرة بين التحديث والأصالة في الثقافة العربية.