جوزيف كوديلكا: جولة بين آثار المتوسّط

29 سبتمبر 2020
من المعرض، آثار في تركيا
+ الخط -

يُعدّ التشيكي جوزيف كوديلكا (1938) أحد أكثر المصوّرين الفوتوغرافيين الذين يُعترف بهم كفنانين لا يقلّون عن النحّاتين ورسامي اللوحات، وهو الذي أنشأ أبجدية أسلوبية باتت تعرف بها لقطاته، أبرزها اعتماد الأبيض والأسود وتقديم مشاهد واسعة وإضفاء بُعد مشاعريّ على الأشياء.

خلال مسيرته الطويلة، قدّم كوديلكا الكثير من الصور المتعلّقة بالآثار، وقد أحصى أحد النقّاد أنه مرّ خلال مشواره بقرابة مائتي موقع أثر ظهر في معارضه المتفرّقة. من هذه المجموعة، انطلقت فكرة معرض "أطلال" الذي يقام هذه الأيام في "المكتبة الوطنية فرانسوا ميتران" في باريس، فقد جرى الاقتصار على 110 صور لمواقع أثرية يجع بينها أنها لبلدان تطلّ على البحر الأبيض المتوسّط.

هكذا ينقلنا المعرض من تركيا إلى المغرب، مروراً بلبنان والجزائر واليونان ومصر وسورية وفرنسا وغيرها من البلدان التي وعلى الرغم من تقاربها الجغرافي، تمثّل تنويعات حضارية لافتة من المعابد الفينيقية في شرق المتوسط إلى بقايا قنوات المياه الرومانية في شبه الجزيرة الإسبانية.

يشير تقديم المعرض إلى أن المجموعة التي تُعرض لم يسبق أن اجتمعت في مكان واحد، وهي محاولة لفهم منجز كوديلكا من زاوية بعينها، هي نظرته إلى المعالم، وكيف يحوّلها إلى مادة في عالمه الفوتوغرافي. نقرأ في هذا التقديم: "ها نحن نرى هذه المعالم بعين كوديلكا، فيصنع منها جماليات فوضوية ويظهر لنا تحوّلات الأمكنة في الزمان، والعلاقات المعقّدة التي تربط التاريخ بالطبيعة وبالإنسان".

بالنسبة لكوديلكا فإنه كلما اشتغل على موقع أثري فهو لا يحاول "تخليد" تمثال أو قطعة وحصرها في رؤية رومانسية للماضي، بل يحاول إضاءة للتخريب الذي يقع لها بعوامل الطبيعة في الغالب، ولكن أحياناً بسبب الإنسان، ليس ذلك المخرّب القاصد (نموذج "داعش" حاضر في المعرض بما أن تدمر من المدن التي مرّت عليها عدسة الفنان)، بل أحياناً يكون المخرّب هو الباحث الأثري الذي يذهب إلى قطعة بعينها فيفسد عمارة كاملة تحيط بها.

المساهمون