جماليات الفردوس.. الجنة كما تخيّلها الفنانون المسلمون الأوائل

01 اغسطس 2021
من المعرض (موقع مركز آغا خان)
+ الخط -

سعى المسلمون منذ القرن الحادي عشر، خاصة خلال الحكم المغولي في الشرق والدولة العامرية في الأندلس، إلى إدراج نظرتهم الفلسفية ومخيلتهم الجمالية لمفهوم الفردوس على الإبداعات البصرية، وانعكس لديهم ذلك في هندسة الحدائق والمنمنمات والنقوش والعديد من الرسوم داخل القصور والمباني الرسمية.

"صُنْع الجنّة" عنوانُ المعرض الذي افتُتح في "مركز آغا خان" في لندن منتصف أيار/ مايو الماضي، ويتواصل حتى الثلاثين من أيلول/ سبتمبر المقبل، ويضمّ مقاربات لتسعة عشر فناناً من مختلف أنحاء العالم حول صورة الجنّة ومفهومها في الإسلام، بالاعتماد على مئة وثلاثين آية قرآنية.

تقع عين الزائر حين دخوله على نافورة في قلب الحديقة الرباعية التي تم إنشاؤها في المكان، لكنها لا تخرج المياه، إنما تنبعث منها شرائط مجدولة من الورق على شكل أزهار من تصميم الفنانة الأميركية، المقيمة في برلين، كلير سيليست بورش، حيث تتمركز النافورة في وسط المعرض كمحاكاة لتصميم الجنان في الحضارة الإسلامية، وتحيط بها أربعة جدران تمثل التصميم الفارسي الكلاسيكي للحديقة المعروف بـ"شار باغ" والذي ينتشر في عدد من المدن الإيرانية والهندية.

تقدّم بورش رؤية معاصرة ضمن أعمالها التركيبية التي تركّز على التهديدات التي يتعرّض إليها التنوع البيولوجي في العالم من خلال عملها على آلاف الصور للنباتات والحيوانات بهدف إنشاء فضاء متخيّل للجنة التي يتصوّرها الإنسان على الأرض.

اعتمد الفنانون على مئة وثلاثين آية قرآنية تصوّر جنّات عدن

يستند المعرض إلى تصميم متكامل من خلال تسجيلات لصوت المياه وغناء العصافير، ورشّ عطر مخصّص لاستحضار رائحة الحديقة، كما تُظهر الأعمال المعروضة تفسيرات مختلفة للجنة من خلال وسائط الهندسة الإسلامية، والمنسوجات المحاكة يدوياً، والأعمال الخزفية، والألواح المطرزة باستخدام الزهور المجففة والخط العربي، والرسوم المصغرة.

تُعرض أيضاً حروفيات للفنانة البريطانية الباكستانية ثريا سيد التي درست على يد خطّاطين عرب وأتراك، وقدّمت العديد من العروض الكاليغرافية الحيّة التي تعتمد تركيبات رقمية ثلاثي الأبعاد، التي تسعى من خلالها إلى إنشاء أرشيف رقمي للخط العربي يرتبط بسياقاته الاجتماعية والثقافية والدينية، كما تصمّم نماذج ترتبط بشعائر الحج إلى مكة.

وتقدّم الفنانة البريطانية جين لي مكراكين بأعمال تصوّر الهدهد مستوحاة من كتاب "منطق الطير" للشاعر المتصّوف فريد الدين العطار، حيث يتحدّث الهدهد إلى ثلاثة عشر طيراً بوصفه حكيمهم عن أفعالهم وسلوكياتهم في الحياة، لكنها تبدو وكأنها تشابه تصرّفات البشر، بينما تبرز الفنانة الباكستانية زارة حسين في منحوتتها نمطاً هندسياً من المثلثات الفيروزية والأزرق الداكن والأبيض على شكل زهرة ضمن حركات متكرّرة لا متناهية مصمّمة من التطبيقات التفاعلية والرسم والنحت.

كما تُعرض أربعة أعمال خزفية للفنانة السورية ياسمين حياة التي تمزج فيها نقوش التطريز المستمدّة من التراث العربي مع مؤثرات هندو- فارسية وتقنيات غربية معاصرة، وتستخدم أصباغاً صنعتها بنفسها من مواد عضوية، وهي تُنوّع في المواد الخام التي تستخدمها مثل المعدن والأتربة والنباتات وزهور الأقحوان. 

ويقسّم الفنان البريطاني روس تيلور لوحته إلى أربعة أقسام باستخدام تقنية "الريليف" لتبدو أجزاء من المشهد الطبيعي الذي يرسمه غائراً أو نافراً، في تقليد للطريقة التي اتبعها الرسامون خلال العهد المغولي في تصوير الورود، بينما تقدّم مواطنته أولغا برينكو تطريزات تحاكي أجزاء زهرة الزنبق من بتلات وساق وأوراق التي تظهر كثيراً في النقوش الإسلامية.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون