استمع إلى الملخص
- التحديات والانتقادات: تواجه الجائزة انتقادات بسبب كثرة الفائزين وتسرب نصوص ضعيفة، مما أثار تساؤلات حول معايير الاختيار. استجابت الجائزة بتعديل نظام القوائم في الدورة العاشرة.
- التغييرات والتطويرات: شهدت الجائزة تغييرات في عدد الفائزين وقيمة الجوائز، مع إضافة فروع جديدة وإلغاء فئة "أفضل رواية قابلة للتحويل إلى عمل درامي". تحتاج الجائزة إلى تطوير موقعها الإلكتروني لتعزيز مكانتها.
هل حقّقت "جائزة كتارا للرواية العربية" أهدافها، أو جزءاً من أهدافها المتمثّلة، مثلما نقرأ في موقعها الإلكتروني، في "ترسيخ حضور الروايات العربية المتميّزة عربياً وعالمياً" و"تشجيع وتقدير الروائيّين العرب" و"رفع مستوى الاهتمام والإقبال على قراءة الرواية العربية"؟ يبدو السؤالُ ضرورياً بينما تطوي الجائزةُ، التي أطلقتها "المؤسّسة العامّة للحي الثقافي كتارا" في قطر مطلع 2014، عقداً من عُمرها، مع اختتام دورتها العاشرة أوّل أمس الخميس.
يُمكن طرْح السؤال بصيغةٍ أُخرى: هل نجحت "كتارا للرواية العربية"، خلال سنواتها العشر الماضية، في أن تكون جائزةً أدبيةً وازنةً يهتمّ الكتّاب والباحثون العرب بالفوز بها؟ لن يحتاج السؤال إلى تخمين للقول إنّها أصبحت، منذ إطلاقها، إحدى أبرز جائزتَين عربيَّتين في الرواية، إلى جانب "الجائزة العالمية للرواية العربية" (بوكر العربية) التي يرعاها "مركز أبو ظبي للغة العربية" التابع لـ"دائرة الثقافة والسياحة" منذ 2007.
وهذه الإجابةُ يُعزّزها، مِن جهةٍ، فوزُ عددٍ من الأسماء العربية ذات الحضور البارز في حقلَي الرواية والدراسات النقدية بالجائزة في دوراتها المختلفة؛ مثل: واسيني الأعرج وإبراهيم عبد المجيد وأمير تاج السر (2015)، وإلياس خوري وإبراهيم نصر الله (2016)، ومحمّد برادة (2017)، والحبيب السائح (2019)، والحبيب السالمي (2021)، وسعيد يقطين (2022)، وبوشعيب الساوري (2024). ومن جهةٍ أُخرى، يُدلّل على مدى اهتمام الكتّاب والباحثين العرب بالجائزة حجْمُ الترشيحات التي ارتفعت بأكثر من الضعفَين خلال عقد: من 711 مشارَكةً في الدورة الأُولى عام 2015 إلى 1697 مشارَكةً في الدورة العاشرة عام 2024.
إحدى نقاط ضعف الجائزة كثرةُ الفائزين بها في كلّ دورة
على أنّه ينبغي وضْع هذا الارتفاع اللافت ضمن سياقه الموضوعي، المرتبطِ أوّلاً بقلّة الجوائز الأدبية العربية المُجزية من الناحية المادّية (يبلغ إجمالي قيمة جوائز "جائزة كتارا للرواية العربية" 750 ألف دولار تُقسَّم بين الفائزين الموزّعين بين ستّ فئات)، وثانياً بحاجة الكتّاب والباحثين العرب إلى دفْعٍ مادّي يوفّر لهم متنفَّساً – ولو مؤقّتاً – في ظلّ الأوضاع الاقتصادية الضاغطة التي تعيشها غالبيتهم. وهذا التفصيل (ارتباط الإقبال على الجوائز في السياق العربي بالوضع المادّي) حقيقةٌ لن نفلح في إنكارها وإن اجتهدنا في ذلك. غير أنّه ليس الدافع الوحيد بالتأكيد؛ إذ يبحث الكتّاب، أيضاً، عمّا توفّره الجوائز من تقديرٍ معنوي وانتشار.
تُعيدنا هذه الجزئية إلى "ترسيخ حضور الروايات العربية المتميّزة عربياً وعالمياً"؛ أحدِ الأهداف المعلَنة منذ إطلاق الجائزة، لنتساءل: هل فعلاً تُرسّخ "كتارا للرواية العربية" حضور الروايات الفائزة بها على الصعيدَين العربي والعالمي؟ هل تجعل كتّابها مقروئين بشكل أكبر؟ أمّا الإجابة الموضوعية، فهي أنّ مجرَّد تتويج أعمال روائية وترجمتها إلى لغتَين أجنبيتين (الفرنسية والإنكليزية) ليسا كافيَين لترسيخ حضورها وانتشارها، بدليل أنّنا لا نكاد نتذكّر عناوين الروايات التي فازت خلال الدورات العشر.
إحدى نقاط ضعف "جائزة كتارا للرواية العربية" كثرةُ الفائزين بها في كلِّ دورة. صحيحٌ أنّ هذا يتيح الإضاءة على أسماء متعدّدة في حقول مختلفة، بعضُها لا توليه الجوائز العربية اهتماماً كافياً؛ مثل الدراسات النقدية وأدب الطفل (لنتذكّر "جائزة الدولة لأدب الطفل" التي أطلقت وزارة الثقافة القطرية دورتها الأُولى عام 2008 ثمّ توقّفت عام 2022 بعْد عدد من الدورات غير المنتظمة، من دون إعلانٍ رسمي بذلك، ومن دون أن نعرف إنْ كان فرعُ رواية الفتيان في "جائزة كتارا" بديلاً عنها). لكنّ هذا التعدُّد يُفقد "كتارا" ذلك البريق الذي يتوفّر في جوائز بارزة تُمنح كلَّ عامٍ لعملٍ أدبي وحيد؛ مثل "نوبل للأدب" و"غونكور" و"بوكر" وغيرها.
يُحسَب للجائزة التفاتها إلى نصوص وأسماء عربية وازنة. لكن ضمن هذه الكثرة تسرّبت بعض النصوص الضعيفة لكتّاب متواضعين في أكثر من دورة. نتذكّر، في سياق الحديث عن الكثرة، ما أثاره القائمون على الجائزة من انتقادات في دورتها التاسعة (2023)، حين أعلنوا ما سمّوه "قائمة الستّين لأفضل الأعمال المشارِكة"؛ فقد أعطى هذا الرقم الكبير انطباعاً سلبياً مفادُه أنّ الجائزة تُوزَّع بالجُملة، وكأنّ الهدف تحقيق مسطرة تتضمّن كلّ مرّة أكبر عددٍ من الأسماء من أجيال وحساسيات وجغرافيات عربية مختلفة. عاد القائمون على الجائزة، بعد ذلك، ليُعلنوا تعديل نظام إعلان القوائم الطويلة والقصيرة ابتداءً من الدورة العاشرة، وهو تعديلٌ ثانٍ أُدخل بعد وقت قصير من اعتماد نظام القوائم ابتداءً من الدورة التاسعة.
يُضاف ذلك إلى تغييرات أُخرى مفاجئة وغير معلَنة طاولت الجائزة؛ مثل خفض عدد الفائزين في كلّ فئة من خمسة إلى ثلاثة، وخفض قيمة جائزةِ الروايات المنشورة من ستّين ألف دولار لكلّ فائز إلى ثلاثين ألف دولار. وهذه النقاط تنضاف إلى اختلالات أُخرى مثل عدم نشر تقارير لجان التحكيم.
بالوصول إلى دورتها العاشرة، أُضيفت، في سنوات متفرّقة، ثلاثة فروع إلى الجائزة؛ هي: روايات الفتيان، والرواية القطرية، والرواية التاريخية. لكنّها، في المقابل، فقدت فئة "أفضل رواية قابلة للتحويل إلى عمل درامي"، والتي مُنحت الجوائز فيها خلال الدورتَين الأُولى والثانية فقط. لم يجرِ توضيح أسباب إلغاء هذه الفئة التي بلغت قيمتُها مئتي ألف دولار مقابل شراء حقوق تحويل الرواية إلى عمل درامي، كما لا نعلم شيئاً، بعد قرابة عشر سنوات، عن مصير مشاريع تحويل الروايات الأربع الفائزة إلى أعمال درامية: ("مملكة الفراشة" لواسيني الأعرج و"حبل قديم وعقدة مشدودة" لسامح الجباس في 2015، و"الأزبكية" لناصر عراق و"جينات عائلة" لميرو علي الرفاعي في 2016).
ندخل إلى موقع الجائزة الإلكتروني بحثاً عن إجابة، لكنّنا لا نعثر على شيء من ذلك، ثمّ نخرج بقناعةٍ مفادُها أنّ الموقع يحتاج إلى نفضة جذرية لجعله واجهةً حقيقية للجائزة يعثر فيها الزائر على معطيات كافية ومرتّبة بشكل سليم حول الأعمال الفائزة وأصحابها، بدل محاولةِ جعله موقعاً شاملاً للرواية العربية من دون أن يكون أيّاً منهما. ما من شكّ أنّ "المؤسّسة العامّة للحيّ الثقافي- كتارا" لا تعوزها الإمكانيات لإطلاق موقع مستقلّ خاصّ بالرواية العربية، مثلما لا تعوزها لتطوير الموقع الحالي والتفكير في صيغة أكثر جاذبية لـ"جائزة كتارا للرواية العربية" بالتزامن مع دخولها عقدها الثاني.