تيسير البطنيجي.. أثر يعيد تشكيل ذاكرة العالم

12 اغسطس 2021
(من المعرض)
+ الخط -

تحضر ثيمات الغياب والذاكرة والهوية في معظم أعمال الفنان الفلسطيني تيسير البطنيجي (1966) حيث ترتبط بالنسبة إليه بالتنقّل والترحال والمنفى، من خلال تفكيكه الدائم لمجموعة من الأشياء والمتعلّقات الشخصية وإعادة إنتاجها ضمن رؤية مفاهيمية توضّح موقع التاريخ والفن في مواجهة الاحتلال.

حتى التاسع من كانون الثاني/ يناير من العام المقبل، يتواصل معرضه "ما أمكن انتزاعه من الفراغ الذي يتوغّل" الذي افتتح في "متحف الفن المعاصر" (ماكفال) بالضاحية الباريسية؛ فيتري سور سين، في التاسع عشر من أيار/ مايو الماضي، ويضمّ مختارات من مجمل تجربته خلال ربع قرن مضى.

(من المعرض)
(من المعرض)

يشير البطنيجي في حديث صحافي سابق إلى صور الشهداء التي تغطي جدران وشوارع المدن والمخيمات الفلسطينية ثم تختفي مع مرور الزمن، حيث تتحلّل ألوانها أو تتمزّق بفعل تقلبات المناخ على مدار سنين، أو تتراكم فوقها صور لشهداء آخرين، وهي فكرة يعالجها عبر إطار يذكّر دائماً بأن ثمة صورة كانت في داخله، حيث يبقى أثر أو أجزاء منها على الحائط، يرمز إلى اختفاء الجسد الذي تعبّر عنه الصورة، وكأنه غياب للغياب نفسه.

لا يوجد مسار ثابت للتجوّل في المعرض الذي تمّ تنسيق الأعمال المشاركة من خلال تسلسلها الزمني وتناسقها في ما بينها، وتتنوّع المواد والوسائط المستخدمة في تنفيذها بين التصوير الفوتوغرافي، الفيديو، والرسم، والتخطيطات، والطباعة والحفر، والأعمال التركيبية، والفنّ الأدائي.

(من المعرض)
(من المعرض)

يتضمّن المعرض سلسلة بعنوان "إلى أخي" وهي تتكوّن من ألبوم صور معلّق تتفاوت ألوانها بين البياض والعتمة، ويعود فيه إلى أخيه الشهيد ميسرة الذي رسم صورةً في يومه الأخير تشابه مشهد القنّاص الإسرائيلي الذي أطلق عليه الرصاص، لكن هذا الرسم تمّ مسحه خوفاً من أن تقع في يد جنود الاحتلال، لكن أثرها أو علامتها بقيا في ذاكرة البطنيجي.

هذا الأثر قاده إلى اختيار عنوان المعرض من قصيدة للشاعر الفرنسي جورج بيريك تتحدّث حول انتزاع الذاكرة أو مقاطع منها ليستوحي منها العمل الفنّي لإظهار تلك الملامح أو الذكريات المهمّشة أو التي تذهب نحو النسيان،  كما في عمل "يوميات غزاوية" (1999-2006)، الذي يسجّل مشاهد من مدينة غزة التي غادرها إلى فرنسا من أجل الدراسة، مكثفاً مشاعره تجاهها بقوله "كآبة غزة فترة العصر بحرارتها وجنونها ورطوبتها"، على حدّ وصفه.

يشار إلى أن البطنيجي (1966) درس في "جامعة النجاح" في نابلس، قبل أن يسافر إلى الدراسة في "بورج" الفرنسية، وقد مرّت تجربته بمراحل مختلفة من الرسم التقليدي وصولاً إلى استخدام وسائط الفيديو والفوتوغرافيا والتجهيز.
 

الأرشيف
التحديثات الحية
المساهمون