في 2019، فكّر مجموعة من الباحثين الفرنسيين في منصّة تضمن حضور الندوات والنقاشات الفكرية عن بُعد، فكان موقع "كونفيرنسيا" الذي جرى إطلاقه في فبراير/ شباط الماضي. كان الهدف الرئيسي وقتها هو إتاحة النقاشات الفكرية لجمهور متعدّد الثقافات.
وقتها، لم يكن أحد يتخيّل أن هذه الصيغة للمحاضرات عن بُعد ستتحوّل بعد أشهر إلى النمط الرئيسي للنقاشات الفكرية في العالم، بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، لتصبح المنصّة ضرورة مع توقّف كل أشكال التجمّع ومنها المحاضرات.
وبعد أن كان دور المنصّة إتاحة بث ندوات وفعاليات تنظّمها الجامعات ومراكز البحث العلمي، باتت بمرور الوقت طرفاً ينظّم فعالياته الخاصة، ومن ذلك المحاضرة التي تُبثّ بعد غد (الإثنين) بعنوان "داخل أفكار ماركوس أوريليوس" ويقدّمها الباحث الفرنسي بيير فاسبيريني.
بحسب التقديم الذي نشرته "كونفرنسيا" على صفحتها في فيسبوك، فإن فاسبيريني سيحاول أن يجيب عن عدد من التساؤلات من قبيل: كيف يمكن للإمبراطور أن يتفلسف؟ ولماذا استمرّت أفكاره راهنة، خصوصاً في أزمنة الهواجس كالمرحلة التي تمرّ بها البشرية اليوم؟ وكيف يمكن أن نحكم بلداً يمرّ بأزمة؟
يعتمد فاسبيريني على تنوّع تخصّصاته لمعالجة هذه الأسئلة؛ فهو بالأساس مؤرّخ للعصور الرومانية، وله دراية واسعة بالآداب القديمة وخصوصاً بالفلسفة، ومبحثه الرئيسي هو انتقال الأفكار من الحضارة اليونانية القديمة إلى العصور الحديثة، وقد كانت مدوّنة أوريليوس إحدى أهم مصادره في ذلك، وقد خصّص له كتاباً بعنوان "الاستقامة والكآبة".
في السنوات الأخيرة، أخذ فاسبيريني يتّجه نحو الأنثروبولوجيا مطبّقاً إياها في عدد من مشاريعه البحثية في التاريخ القديم. ومن مؤلفاته الأخرى: "الفلسفة وطرق ممارستها في العصر الروماني"، و"لوكريشيوس: في تشريح الكلاسيكية الأوروبية"، وأشرف على كتاب جماعي بعنوان "استعمالات الرومان للمعارف اليونانية".