بيتر لينيبو وماركوس ريديكر: تاريخ ثوري للمحيط الأطلنطي

20 نوفمبر 2022
"الإنزال على شاطئ الأطلنطي" لـ روبرت دودلي (Getty)
+ الخط -

"عملٌ رئيسي، يُعيدُ للبحّارة دورَهم المحوري في تقويض الاستعمار والعبودية في عصر الثورة. ويُذكِّرنا بقوةٍ بأنّنا ندين بالعديد من أهم الأفكار السياسية، من قبيل عالمٍ بلا عُبودية، لا للفلاسفة، وأقلّ من ذلك لرجال الدولة، بل للنضالات اليومية للعاملين".
 
هذه هي الكلمات التي خطّها الكاتب والصحافي البريطاني روبن بلاكبورن (1942) على صفحات فصليّة "بوسطن ريفيو" واصفاً كتاب "الأفعى المُتعدِّدة الرؤوس: البحّارة، والعبيد، والمشاعيُّون، والتاريخ الخفيّ للأطلنطي الثوري" الذي وقّعه كلٌّ من المؤرّخَين الأميركيَّين بيتر لينيبو (1942) وماركوس ريديكر (1951).

بعد اثنين وعشرين عاماً على صدور الطبعة الإنكليزية من الكتاب عام 2000، تصدر هذه الأيام الترجمة العربية منه، بتوقيع المترجِم المصري أحمد حسان، وذلك عن دار "الكتب خان" وبالتعاون مع مبادرة "ترجمان" في القاهرة.

ينطلق الكتاب من نقطة ارتكاز أثيرة لطالما اتّخذها المؤرّخون الماركسيون، ولم يَحِد عنها لينيبو وريديكر، وتتمثّل بنسف الفهم القومي للتاريخ بمعناه الأوروبي والذي تجلّى في القرن التاسع عشر، والانفتاح صوب أفقٍ أرحب، إنه "التاريخ من أسفل" وهو كما بات يُعرَف لا يتمركز حول الأحداث والطبقات العُليا، بقدر ما يُفرد مساحة الاشتغال للبشر العاديين، حيثُ السير العادية تواجه السرديات الأسطورية.

تنهض فكرة الكتاب على النقيض من دعوى نهاية التاريخ

وأمام الدعوات المتكرّرة لمقولة نهاية التاريخ، التي لا تستطيع تخيُّل نموذج اقتصادي بديل عمّا هي عليه الرأسمالية اليوم، فإنّ هذا العمل عبر فصوله ينهضُ على فكرة نقيضة كلّياً، وذلك من خلال الدعوة للرجوع إلى المشاعات لإدارة مواردنا الطبيعية والثقافية.

الصورة
الأفعى المتعددة الرؤوس - القسم الثقافي

يستعير الكتاب إشارة أدبية لمّاحة سطّرها الشاعر والمسرحي الألماني برتولت بريشت (1898 - 1956) في قصيدته "أسئلة عامل يقرأ"؛ مستفهماً: "مَن بنى بوّابات طيبة السبع؟/ في الكتب ستجد أسماء الملوك/ فهل حمل الملوك كتل الأحجار؟". ومن هُنا تفتتح هذه الأبيات الطبعة الثانية من الكتاب، وتصبح كلمات بريشت دليلاً أدبياً للتاريخ من أسفل.

أمّا على ضفّة الأعمال التاريخية، فيعود الكاتبان إلى أعمال تأسيسية في هذا المنهج الذي يختطّانه، مثل: كتاب "إعادة البناء السوداء في أميركا" للمؤرّخ دبليو.إي. بي دوبوا، والذي صدر في نفس عام صدور قصيدة بريشت (1935)، ورأى صاحبه أنّ "انعتاقَ الإنسان يعني انعتاقَ العمل، وانعتاقَ العمل يعني تحرير تلك الأغلبية الأساسية من العمّال الذين هم صُفرٌ، وسُمرٌ، وسود".

إلى جانب أعمال أُخرى مثل: "اليعاقبة السود: توسان لوفرتور وثورة سان دومنيغو" (1938) لـ سي. أل. آر جيمس، ويتحدّث عن تاريخ ثورات عبيد المزارع في أميركا، وكذلك المجلّدات العشرين التي وضعها الأميركي جورج راويك (1929 - 1990) بعنوان "سرديات العبيد".
 
الجدير بالذكر؛ أنّ ترجمة هذا العمل، ستكون متاحة في الدورة الثالثة والخمسين من فعاليات "معرض القاهرة الدولي للكتاب" كانون الثاني/ يناير 2023، كما أنّها تأتي في سياق مشروع أحمد حسان الترجمي، والذي يلعب مفهوم "المشاعة" دوراً مركزياً فيه، إذ سبق له أن نقل إلى العربية فصولاً من كتاب للينيبو "امسك لصّاً: المشاعة والتطويقات والمقاومة" (2014).

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون