قبل إحدى عشرة سنة من إعلان الكيان الإسرائيلي، ارتكبت العصابات الصهيونية، ومنها الهاغاناه والبالماخ وشترين، أولى مجازرها التي وقعت في سوق حيفا في آذار/ مارس 1973 حين ألقى أحد أفراد عصابتي الإتسل وليحي قنبلة، استشهد وأصيب جراءها أكثر من خمسين فلسطينياً، كما وقعت مجزرة ثانية في نهاية العام ذاته في سوق الخضار بمدينة القدس، واستشهد فيها العشرات.
ونُفّذت هذه المجازر بهدف التطهير العرقي من خلال محو البلدات العربية وإزالتها عن الخريطة، والتهجير القسري لسكّانها مثلما حدث في دير ياسين والصفصاف وعين زيتون وعيلبون والطنطورة وطيرة حيفا وبلد الشيخ وسعسع، والتي وقعت جميعها قبل عام 1948.
في بلدة سعسع (شمال شرق مدينة صفد)، تحلّ اليوم الأربعاء الذكرى السادسة والسبعون للمجرزة، حين شنّت قوة من كتيبة "البالماخ" الثالثة التابعة لـ"الهاغاناه"، دمرت خلاله عشرين منزلاً فوق رؤوس أصحابها، وكانت حصيلة المجزرة استشهاد حوالي ستين فرداً معظمهم من النساء والأطفال.
تحلّ اليوم الأربعاء الذكرى السادسة والسبعون للمجزرة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في البلدة
وتذّرعت الكتيبة بأن القرية "كانت تُستخدم قاعدة لمقاتلين من أبناء القرية وغيرهم، فأعطيت الأوامر لقائدها بالاقتحام ليلاً حيث وضعت عبوات ناسفة في بعض البيوت وشغّلت الصواعق"، لكن التقارير الصحافية في تلك الفترة كذبت الزعم بأن القرية كانت تُستخدم قاعدة عسكرية، ومنها "صحيفة نيويورك تايمز"، التي أشارت آنذاك إلى مجموعة كبيرة من الرجال المسلحين (البالماخ) دخلت القرية، وزرعت العبوات الناسفة حول المنازل "من دون مقاومة، ضمن هجوم العصابات الصهيونية على شمال الجليل".
لم تكن تلك المجزرة الأولى التي ارتكبت في سعسع، إذ المجزرة الأولى ارتكبها الاستعمار البريطاني إثر انتهاء الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1939، حيث قام جنوده بنسف اثني عشر منزلاً من منازل القرية عقاباً لأصحابها الذين اتهموا بمساعدة الثوار خلال الثورة، بعد ذلك أحاطوا القرية بالأسلاك الشائكة، وأبراج المراقبة، بحسب المصادر التاريخية.
وفي 30 تشرين الأول/ أكتوبر 1948، ارتكبت مجزرة ثالثة في سعسع على يد اللواء شيفع (السابع) من جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي استولى على البلدة بسهولة، إذ إن الوحدة التي نفذت ذلك لم تواجه أية مقاومة، ومع ذلك، فقد ارتكبت أعمال قتل جماعي في القرية (بحسب تعبير رئيس أركان الهاغاناه، يسرائيل غاليلي)، كانت هذه المجزرة في سياق عملية احتلال القرية، وكان هدفها خلق الذعر والرعب في نفوس أهل القرية والقرى المجاورة ودفعهم للرحيل عنها، حيث استشهد العشرات وهجّر أهل سعسع قسراً إلى لبنان.