أعيشُ في مدينةٍ بلا قلب.
■
في هذا البلد ستحدث لك أشياءُ كثيرة
لا تكترث لجارك
لا تكترث لفرَحه، حزنه أو موته
لا تشكُ حزنك لأحد
لم أتعرّف على نفسي حين استيقظت في الصباح.
■
مساء الجمعة
يحتفل الناس في البارات
بصداقات عملٍ جديد
بحبٍّ جديد
بخيانات جديدة
وآخرون يشبهون بوكوفسكي
يجيئون يومياً إلى البار مهزومين ومتّسخين.
■
أحد المداومين على البار
أصبح شِبه صديق
في كلّ مرّة يحكي لي نفس القصّة بطُرق مختلفة
كان يقول إن حبيته
هي تَقَطُّر الندى على العشب صباحاً
هي خشخشة أوراق الخريف المتساقطة
هي استفاقة الربيع بعد فصل شتاء ماطر
هي صَدَفُ البحر فوق رمالٍ ذهبية
هي فرحة طفل يرمي حصاةً في بحيرة
فتتكوّن تلك الدوائر الصغيرة
هي فرحة العائدين من الحرب بعد انتصار
وفي حكايته الثانية
إنها امرأة قاسية كالحجَر
ووعِرة كصحراء
تُشبه الخيول البرّية في ولاية مكسيكو
قالت له ذات يوم:
ليكن بيتنا
بنوافذ مفتوحة
وأبواب مشرعة
وأشارت بيدها للريح أن تأتي من كلّ الجهات.
■
في إحدى الصباحات الباردة
والبرد يجوس في الدار
ليخترقَ ألواح الأبواب والنوافد الخشبية
ويستقرّ كقطعة ثلج على الجسد
أنهت حياتَها
بطلقة رصاص حامية.
■
قبل أن يغادر جورج البار
قال لي:
أتمنّى لك مساءً
أجمل من مسائي
ثم ذهب مع الريح.
حين عُدت إلى شقّتي
فتحتُ الباب
فدخل الحزن إليّ من كلّ الجِّهات
أخذت جرعتَيْ ويسكي
وبعدها، ومن وحدتي،
أكَلتُ الأبواب، النوافذ والحيطان
وجلست أنتظر موجةً عالية
تقذفُني مع زَبد البحر إلى اليابسة.
* شاعر وأكاديمي مغربي مقيم في مدينة نيو أورلينز الأميركية