"امتداد" لتيسير حامد.. قوّة تحتمل نقيضها

03 فبراير 2023
من المعرض
+ الخط -

مساءلة مفتوحة للمكان وتمثيلٌ له في الوقت نفسه، كذلك هو "امتداد"، المعرض الذي يوقّع لوحاته التشكيلي المصري تيسير حامد (1955)، ويستمرّ حتى الحادي عشر من هذا الشهر في "قاعة الباب سليم" (ضمن "متحف الفن المصري الحديث" على أرض "دار الأوبرا المصرية").

ملامح مدينةٍ ما تكثّفها لوحة حامد، وفي سبيل ذلك تستعين هذه الملامح على ذاتها بتيّار لوني، فيه قوّة واضحة تدفع بعناصر اللوحة إلى الأمام، وتضغطها أكثر صوب واجهة المشهد، وكأن هذه العناصر تُزاحِم التيّار اللوني الذي شكّلها، لتقول كلمتها بنفسها دون أن تترك تلك المهمّة لأي شرطٍ آخر.

وبهذا تصبح اللوحة محكومة بقُطبَين: الألوان والعناصر، وهما ليسا مُتضادَين بقدر ما يستغرق كلٌّ منهما في تأكيد أدواته على طريقته. لكنْ قبل ذلك، ما الذي ينظّم تلك الأدوات؟

ليس خافياً أنّ لوحة حامد تتأسّس على التجريد أولاً، وبالتالي هو الجواب الجوهري عن ذلك السؤال، ولو أنه شيئاً فشيئاً يأخذ على عاتقه عبء التدرّج، فلا يبقى ذا شكلٍ واحد على طول أعمال المعرض.

مع ذلك وبكل أريحية، فإنه يصوغُ  - انطلاقاً من زاويةٍ ما في قرار اللوحة - بنفسه كُلّاً من الألوان والعناصر، حتى يستحيل ذلك التزاحُم توليفاً، أو لنقُل "امتداداً"، كما يكشفُ الاشتعال اللوني عن هدوء تعبيري، وكأنّ كلّ قوّة ستركنُ في نهاية المطاف إلى نقيضها.

الصورة
من معرض تيسير حامد - القسم الثقافي
(من المعرض)

عند هذا الحدّ تهدأ متناقِضات اللوحة، وتبدأ الصورة الزيتية "تجمع بين اللون الصافي والحضور الذائب في البناء المعماري"، حسبَ ما كتب الفنان نفسه في التقديم لمعرضه. ثم يسمح التجريد قليلاً لأنْ نقرأ بين تلك التفاصيل، فتلوح أحياناً بيئة شعبية، ومرّات أُخرى تتسلّل أضواء طبيعية غير محدّدة المصدر، وجدران شاهقة تزخر بالنقوش.

ورغم هذه المساحات الجديدة، خاصّة البيئة الشعبية، والتي تحيلُ غالباً إلى سمتٍ واقعي وتقنيات مشتقّة من هذا الجوّ، إلّا أن التجريد يعود ليشدّ المشهد إلى مركزه، مُعيداً تأصيله وفقاً لأحكامه هو، سواء كان ذلك على سطح قماشي أو ورقي، ومشغولاً بالأكريليك أو بألوان مائية.

يُذكر أن حامد قد شارك في معارض جماعية مختلفة منذ تخرّجه من كلية الفنون التطبيقية عام 1978، إلى جانب معارض فردية، كان من آخرها: "نوافذ" (2019)، و"رؤى" (2020)، و"رحلة" (2021)، و"إيقاع" (2022).

المساهمون