استمع إلى الملخص
- تُسمى بولونيا "الحمراء" بسبب الطوب الأحمر وانتمائها اليساري، وكانت معقلًا لليسار الإيطالي ومقاومة الفاشية، حيث شهدت محاولة اغتيال موسوليني عام 1926.
- معرض "المعرفة والحرية" في بولونيا يبرز تأثير الحضارة العربية الإسلامية على المعرفة والفن الإيطاليين، ويعرض مقتنيات أثرية مثل الأسطرلاب وكتاب القانون لابن سينا.
ثمّة أسماء عُرفتْ بها مدينة بولونيا الإيطاليّة، عبر التّاريخ، من بينها: "الحمراء" و"المثقّفة". أمّا عن تسميتها بالمثقّفة، فسبب ذلك يعود إلى تأسيس جامعة بولونيا، أوّل جامعة في تاريخ أوروبّا على الإطلاق، عام 1088. وقد درس فيها بعض كبار الأدباء والعلماء والمفكّرين الإيطاليّين وغير الإيطاليّين، مثل شاعر إيطاليا الأعظم دانتي، كما يُرجّح بعض الباحثين، والشّاعر الكبير بيتراركا، والفلكيّ البولنديّ نيكولاس كوبرنيكوس، وليس انتهاءً بالشّاعر والمُخرج الإيطالي بازوليني.
وتُعدّ جامعة بولونيا، منذ قرون طويلة وإلى اليوم، مركز استقطاب لـ الطلّاب الأجانب الوافدين من كلّ أصقاع الأرض، والذين يمضون بعض مسيرتهم الدّراسيّة، أو كلّها، فيها. وقد أسهم هذا كلّه في انفتاح المدينة وسكّانها على الآخر، ممّا جعل من بولونيا رمزًا للتعايش، إذ هي نموذج مصغّر لعالمنا الكبير، تختلف فيه الألوان والألسن وتتآلف فيه القلوب والأذهان، وتولد الصّداقات تحت أروقتها المسقوفة وفي مقاهيها وحدائقها العامّة، وتُثار النّقاشات والحوارات التي تثري العقول وتوسّع الآفاق.
وأمّا عن تسميتها بالحمراء، فيعود ذلك إلى لون الطّابون البولونيّ الأحمر الذي تميّزت المدينةُ بإنتاجه واستخدامه في بنائها المعماريّ. فإذا ما ارتقى زائرُ المدينة برج آزينيلّي (الذي يبلغ ارتفاعه 97 مترًا تمتدّ على 498 درجة، ويعود تاريخ افتتاحه إلى عام 1019، أي ما يربو عن ألف عام)، فإنّ أوّل ما سيجذب انتباهه هو تدرّجات اللّون الأحمر العديدة في العمارة البولونيّة. على أنّ ثمّة من يرجّح رأيًا آخر للتسمية، وهو الانتماء اليساريّ الشّيوعيّ للمدينة.
والحقيقة أنّ بولونيا تُعدّ إحدى القلاع الحصينة تاريخيًّا لليسار الإيطاليّ، وكذلك إحدى أهمّ المدن التي قاومت الفاشيّة. ولا مناصّ هنا من الإتيان على ذكر الحادثة الشّهيرة التي وقعت في تشرين الأوّل/ أكتوبر عام 1926؛ وهي محاولة الاغتيال التي تعرّض لها موسوليني في قلب المدينة. وقد قام بتلك المحاولة آنتيو تزامبوني، وهو شابٌّ بولونيّ في الخامسة عشرة من العمر. (وللمفارقة، فإنّ أوّل من تعرّف على الفتى وألقى القبض عليه هو الملازم كارلو ألبيرتو بازوليني، والد الشّاعر والمُخرج بيير باولو بازوليني). ولا شكّ في أنّ وقوع هذ الحادثة في بولونيا، وعلى يد أحد أبنائها، يدلّ على الوعي الثّوريّ العميق والمتجذّر في تاريخ هذه المدينة العريقة.
لعلّ هذا كلّه، فضلًا عن أسبابٍ أُخرى، هو ما دفع أنّا كونتاديني، أستاذة الفنّ الإسلامي في جامعة لندن، وماتّيّا ﮔويديتّي، أستاذ علم الآثار وتاريخ الفنّ الإسلامي في جامعة بولونيا، إلى إقامة معرض فنّي لبعض المقتنيات الأثريّة، في "المتحف البلديّ للعصر الوسيط" في مدينة بولونيا، تحت عنوان "المعرفة والحرّيّة"، افتتح في نيسان/ إبريل الماضي ويختتم هذا الشهر.
وإذا كان المعرض صغيرًا في عدد قطعه الأثريّة، فإنّه كبيرٌ في معناه، في هذه المرحلة التّاريخيّة التي يسيطر فيها اليمين المتطرّف على أوروبّا عمومًا، ويحكم في إيطاليا، على وجه الخصوص. فالحكومة اليمينيّة المتطرّفة التي تتولّى مقاليد الحُكم في إيطاليا تناهض، في سياستها، الأجانب والمهاجرين بنحو عام، والعرب والمسلمين بنحو خاصّ، ممّا يخلق جوًّا عامًّا يرفض الآخر ويحبّذ الانطواء على النّفس.
وتكمن أهمّيّة المعرض في ما يقدّمه للزائر من تصوّر عن عظمة الحضارة العربيّة الإسلاميّة وسموّ مكانتها العلميّة والفنّيّة في العصور الوسطى، وتاريخها الزاهر وإسهاماتها في الرّكب الحضاريّ العالميّ، وهو ما يجهله الكثيرون في أوروبّا. وكأنّ منظّمي هذا المعرض ودّوا القول إنّ معرفة الحضارة العربيّة الإسلاميّة تُحرّر العقول من التّحامل والأحكام الجاهزة والكليشيهات.
وقد دعانا الصّديق الأستاذ ﮔويديتّي لزيارة المعرض، بل وقام بدور الدّليل لنا، وكنت برفقة بعض أصدقائه، كونه أحد منظّمي المعرض. وقبل دخولنا إلى صالة المعرض طلب منّي ﮔويديتّي أنْ أرافقه إلى إحدى صالات المتحف. كانت الصّالة مخصّصة للقطع الأثريّة العربيّة والإسلاميّة التي تعود إلى حقب مختلفة من العصر الوسيط، مثل كلّ الآثار التي يزخر بها المتحف. ما لاحظه ﮔويديتّي، وهمس به إليّ، هو أنّ ثلاثة أرباع تلك المقتنيات كانت عبارة عن أنواع مختلفة من الأسلحة (سيوف ورماح ودروع، وأيضًا أولى البندقيّات التي استخدمها الجيش العثمانيّ في حروبه).
قال لي صديقي، والأمر أوضح من أنْ يحتاج إلى التّصريح، إنّ من يزور هذه الصّالة يخرج منها ولديه انطباع عن الحضارة العربيّة الإسلاميّة بأنّها حضارة حرب وعنف ودماء. ولا أعني أنّ الأمر مقصود من إدارة المتحف، بل شاءت الصّدفة أنْ تكون الحال هذه، ذلك أنّ مانح معظم تلك القطع الأثريّة إلى المتحف كان أكثر ما يملكه من الشّرق هو الأسلحة. ولعلّنا سنُفرد مقالًا عن هذا الرّجل المغامر، وهو الكونت لويجي فرديناندو مارسيلي (1658 - 1730)، ذلك أنّه، في اعتقادنا، يستحقّ فعلًا. على أيّ حال، جاء المعرض، على عكس ما في تلك الصّالة، بكمٍّ من المقتنيات العلميّة والفنّيّة والجماليّة، مخصّصًا زاويةً ضئيلة للقطع الحربيّة.
ولمْ تكنِ الغاية من المعرض، بحسب رأي المنظّمَيْن، عرض القطع الأثريّة فحسب، بل التّركيز على أثر الحضارة العربيّة الإسلاميّة في المعرفة والفنّ الإيطاليّيْن. لذا فقد عُرضتْ بعض المقتنيات الإيطاليّة إلى جانب تلك القطع الأثرية القادمة من الشّرق البعيد. وينقسم هذا التأثير إلى أنواع، منها التأثير العلمي، تأثيرُ فنّ الخطّ وتأثيرٌ في الزّخرفة وتقنيّاتها.
حال دخولنا صالة المعرض وجدنا أمامنا خريطة لـ"ديار الإسلام" وما يحيط بها من البلدان في العصور الوسطى، تتوزّع عليها نقاط حمراء، تشير إلى الأماكن التي كانت الوطنَ الأصليّ لتلك القطع الأثريّة.
التأثير العلمي
الأسطرلاب: كما هو معلوم، فإنّ الأسطرلاب يُفيد، بنحو عام، في تحديد الزّمان والاتّجاهات، عن طريق تحديد مواقع الأجرام السّماويّة. وقد صُنع هذا الأسطرلاب المعروض، على الأغلب، في الأندلس، في القرن الثّاني عشر (1280 تقريبًا). ويتكوّن من عدّة أقراص (لهذا أطلق عليه العرب اسم ذات الصّفائح)، يُستخدم كلٌّ منها بحسب الرّقعة الجغرافيّة التي يكون فيها الشّخص. وقد نُقشتْ على كلّ قرص كلمات وحروفٌ عربيّة، إشارة إلى المكان الذي يُمكن استخدامه فيه.
والمثير في الأمر هو أنّ أحد أقراصه يحمل نقوشًا بالحروف اللّاتينيّة، من أجل استخدامه في المدن الإيطاليّة. وبما أنّه من ضمن مقتنيات جامعة بولونيا، فيُرجّح أنّه استخدم في التّدريس، في الجامعة نفسها.
كتاب القانون: عُرضتْ نسخة مترجمة باللّغة العبرية من "كتاب القانون" لابن سينا، يرجع تاريخها إلى منتصف القرن الخامس عشر، وقد قام بإنجاز الرّسوم التّوضيحيّة فيها الرّسّام جوفانّي بيلّيني (1430 - 1507). ويُحتفظ بها بين مقتنيات جامعة بولونيا، ممّا يشير إلى احتماليّة أنّها استخدمتْ في التّدريس أيضًا. وقد كانت المعارف والعلوم العربيّة تُنقل إلى أوروبا إمّا عن طريق اللّغة العبريّة أو عن طريق اللّغة الإغريقيّة.
مخطوطة المقالات الخمس: هي ترجمة عربيّة للمقالات الخمس، وهو كتاب للعالم الإغريقيّ ديسقوريدوس (عاش في القرن الأوّل الميلادي). وتعود المخطوطة إلى القرن الثّالث عشر، وبنحو دقيق، إلى عام 1245. ويتناول الكتاب الأعشاب المستخدمة للعلاج، وفوائدها. ومع كلّ وصف للأعشاب الطبّيّة ثمّة رسمة للنّبتة. ويُرجّح أنّ المخطوطة نُسختْ في العراق، ونُقلتْ إلى إسطنبول، وقد جلبها إلى إيطاليا الرجُل الذي سبق ذكره، أي الكونت لويجي فرديناندو مارسيلي.
المبخرة النّحاسية: لها هيئة كروية، تتشكّل من نصفَي كرة متماثليْن، يتّصلان ببعضهما عن طريق ذراع وصل، وفي قلب الكرة وعاء صغير لوضع البخور. تنتشر على سطح الكرة ثقوب تتيح للدّخان، المنبعث من احتراق البخور، الخروج من خلالها. وقد طُعّم سطحها النّحاسيّ بالفضّة.
وتعمل المبخرة حسب ميكانيكيّة "الوصلة الجامعة"؛ إذ تعمل عوارض التوازن، التي ثُبّت فيها الوعاء، على إبقائه في وضعية أفقية عند تحرّك الكرة أو دورانها. ويُظنّ أنّها كانت تُدحرج على الأرض، فينبعث الدّخان المعطّر، ولا ينسكب البخور منها. تعود المبخرة إلى العهد المملوكي، ويُرجّح تاريخ صناعتها ما بين القرن الثّالث عشر والقرن الرّابع عشر، في سورية. وقد نسخ أثرياء إيطاليا هذه التّقنيّة في عصر النّهضة، وانتشرتْ أشباه تلك المبخرة في بيوت النّبلاء الإيطاليّين بنحو كبير، حتّى لا يكاد يخلو منها، آنذاك، بيت من بيوت النّبلاء.
تأثير فنّ الخطّ
أثار الخطّ العربيّ شغف الأوروبيّين واهتمامهم. وفي هذا المعرض يتّضح ولع الإيطاليّين بالخطّ العربيّ، ممّا حدا بهم إلى تقليده، وإنْ بنحو زائف، واستخدامه في زخرفة كتبهم، بل وحتّى في بعض الأعمال الفنّيّة المقدّسة. وقد عُرض على رفّ كبير كتابان إيطاليّان، يتوسّطهما طاسٌ أنيق من النّحاس ومقلمة غاية في الجمال. وما يميّز الطّاس والمقلمة هو استخدام تقنيّة الدمْشقة، وهو تطعيم المعدن بمعدن آخر نفيس، كالذّهب والفضّة.
أمّا الطّاس فقد صُنع للأمير نجم الدين عمر المالكي البدري، أحد قوّاد صاحب الموصل بدر الدّين لؤلؤ، إذ نُقش عليها اسم الأمير، إضافة إلى عبارات التّمجيد.
وأمّا المِقلمة فكانتْ غاية في الجمال، نُقشتْ عليها أبيات لشاعر موصليّ، وزخرفات ورسومات فلكيّة، ويُرجّح أنّها صُنعت لصاحب الموصل بدر الدّين لؤلؤ. وقد طُعّمت كلتا القطعتيْن بالفضّة والذّهب، وتعودان إلى النّصف الأوّل من القرن الثّالث عشر، وقد صُنعتا في الموصل.
وعُلّقتْ على الجِدار لوحتان توضّحان أنواع الخطّ العربيّ، تتوسّطهما لوحة للسّيد المسيح للرسّام الفلورنسي نيكولو دي بيترو جيريني (1340 - 1414). وإذا ما تأمّلنا لوحة السيّد المسيح، فسنرى حروفًا تُحاكي الكتابة العربيّة على ياقة لباسه، وكان هذا النّوع من المحاكاة واسع الانتشار في تلك الحقبة. كما سنرى أيضًا محاكاة للخطّ العربيّ في زخرفة المخطوط الإيطاليّ المزخرف العائد إلى القرن الرّابع عشر (1314).
وإنْ كانت تلك المحاكاة خالية المعنى، ذلك أنّ الغرض منها هو التّزيين لا غير، ففي الكتاب الآخر نُسختْ، بصورة دقيقة، عبارة كاملة المعنى، على هيئة قوس أسفله قاعدة يعتليها طاس، هو الطّاس الذي صُنع للأمير نجم الدّين عمر المالكي البدري. وهذا الكتاب حديث نسبيًّا، إذ يعود إلى القرن الثّامن عشر، وقد قام بنسخه أستاذ اللّغة العربيّة في "جامعة لا سابينسا" بروما ميكيلانجلو لانتشي (1779 - 1867).
وقد قام هذا الرجُل بالتجوال في أرجاء إيطاليا، بحثًا عن التحفيّات والقطع الأثريّة التي نقش عليها الخطّ العربيّ، لينسخها ويترجمها. ولمْ يكن يعنيه أصل القطعة الأثريّة أو تاريخها، ما يعنيه فقط هو الأسرار المكنونة في الخطّ العربيّ.
وقد ألّف لانتشي كتابًا من ثلاثة أجزاء يتناول فيه الخطّ العربيّ المنقوش على القطع الأثريّة بمختلف أنواعها في إيطاليا، وتحدّث في كتابه هذا عن ستّ أو سبع أسرٍ بولونيّة، يذكرها بالاسم، تحتفظ في بيوتها بتحفيّات عربيّة إسلاميّة. وإنّ دلّ هذا على شيء فإنّما يدلّ على السّحر الذي مارسه التّراث العربيّ الإسلاميّ وفنّ الخطّ في إيطاليا على مدى قرون طويلة.
فنّ الزّخرفة وتقنيّاتها
عُرضت في هذا القسم، على الرّف العلويّ، ثلاثة أباريق من الخزف، اثنان منها يعودان إلى القرن السّادس عشر، وقد صُنعا في مدينة إزنيق (تركيا).
أمّا الثّالث فهو صناعة إيطاليّة، تعود إلى القرن السّابع عشر، لكنّها تحاكي في نقوشها وألوانها الصّناعة التّركيّة.
وفي وسط الرّف العلويّ وُضعتْ قنّينة صغيرة من الزّجاج المطليّ باللّون الأزرق وبالذّهب، باهرة الجمال، وقد اتّخذتْ أيقونة للمعرض. تُؤرّخ صناعة القنّينة ما بين القرنيْن الثّاني عشر والثّالث عشر، في سورية، إبّان حُكم الأسرة الأيّوبيّة على الأرجح، وقد خُطّت حولها عبارة تمجّد السّلطان. ويُظنّ أنّها زجاجة عطر أو ترياق أو شيء من ذلك. (أضيفت إليها حديثًا، كما هو واضح، القاعدة والفوّهة المسنّنة).
أمّا في الرّف الأسفل فثمّة زهريّتان صُنعتا من الزّجاج، وقد طُليتِ الأولى باللّون الأزرق السّماويّ، وزَيَّنتها زخارفُ باللّون الأصفر الذّهبيّ، أمّا الثّانيّة فطُليتْ باللّون البنّي، وزُخرفت باللّون الأصفر الذّهبي. تعودان كلاهما إلى القرن السّابع عشر، وقد صُنعتا في فينيسيا، إلّا أنّهما تحاكيان الزّهريّات والأباريق العربيّة الإسلاميّة في الهيئة والزّخرفة وتقنيّة الصّنع.
وفي وسط الرّف السّفلي عُرض إبريق مملوكي، يعود إلى القرن الثّالث عشر (1240 تقريبًا)، يُرجّح أنّه صُنع في مصر أو في سورية، إبّان العهد المملوكيّ. وقد استخدمت فيه تقنيّة الدمشقة، إذ طُعّم بالفضّة، ونُقشتْ حوله عبارات باللّغة العربيّة، ومشاهد صيد ومشهد يصوّر السّلطان على العرش.
هذه بعضٌ من القطع والتحفيّات التي في المعرض، وثمّة قطع أُخرى، مثل الصّحون والشّمعدانات والأباريق وما إلى ذلك، لا تقلّ أهمّيّة عن تلك التي ذكرناها، فلها تاريخها الطّويل ولها حكاياتها، ولها أيضًا تأثيراتها على الثّقافة الإيطاليّة.
هذه تأثيرات خفيّة للثّقافة العربيّة الإسلاميّة على الثّقافات الأُخرى، في العصور الوسطى وما تلاها، حتّى عهد قريب، قد لا ينشغل بها الدّارسون كثيرًا، مع أنّها لا تقلّ أهمّيّة عن غيرها من التّأثيرات الكبيرة.
وقد كانتْ معظم هذه التّقنيّات، وكذلك المحاكاة، منتشرة للغاية في إيطاليا وأوروبّا، يوم كانت الحضارة العربيّة قِبلة العالم، إلى حدّ جعل الدّارسين والباحثين يقفون في ريبة من أمرهم أمام بعض التّحفيّات والقطع الأثريّة، دون القدرة على قطع الشكّ باليقين في ما إذا كانتْ تلك القطع من التّراث العربيّ الإسلاميّ أمْ أنّها محاكاة وتقليد.
* شاعر ومترجم وأكاديمي عراقي مقيم في إيطاليا