في عام 2019، وبينما كانت تمرّ الذكرى الحادية والسبعون للنكبة، مع ما تخلّلها من ردود فعل إسرائيلية عنيفة، خاصة على "مسيرة العودة الكبرى"، نظّم "المجلس العربي للعلوم الاجتماعية" طاولة مستديرة افتراضية (باللغة الإنكليزية) لمناقشة جدوى مبدأ "المسؤولية عن الحماية" بالنسبة لفلسطين، وقد ساهمت في النقاش مجموعة من الباحثين الاجتماعيين والخبراء القانونيّين والناشطين في الشأن العام. وعلى ضوء حرب الإبادة الجماعية والدمار الشامل التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على غزّة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أعاد المجلس إتاحة الأوراق المقدَّمة عبر موقع "منتدى بيروت" الإلكتروني (www.thebeirutforum.org)، في محاولة لإيصال هذه المساهمات البحثية إلى شريحة واسعة من القرّاء والمهتمّين بالدراسات الاجتماعية.
قدّمَت للأوراق الباحثة كورالي بيسون هنداوي، موضّحةً أن هذا المفهوم قد أقرّته الدول الأعضاء في "الأمم المتّحدة" بالإجماع أثناء القمّة العالمية لعام 2005، وأكثر ما يُركّز على جرائم الحرب، بما فيها الإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وقد نبّهت إلى أنّ مُفكّري "ما بعد الاستعمار" يرفضون مبدأ "المسؤولية عن الحماية" باعتباره أداة غربية مُصمَّمة لتبرير سياسات التدخّل في الجنوب العالمي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هذا المبدأ ساهمت في صياغته دول الجنوب أيضاً.
"إطلاق النار بقصد التشويه: حصاد الجثث الفلسطينية" عنوان الورقة التي قدّمها الطبيب الفلسطيني غسان أبو ستة، الذي يقدّم مُرافعته الإنسانية، هذه الأيام، صامداً من قلب غزّة، بوجه الآلة البربرية الصهيونية. ينطلق أبو ستّة في ورقته من حادثة انتقال السفارة الأميركية إلى القدس، عشية 14 أيار/ مايو 2018، وإصابة 3400 فلسطيني خلال أربع ساعات فقط على يد قنّاصي جيش الاحتلال، كما يلفت الجرّاح الفلسطيني في ورقته إلىّ أن الأبارتهايد الإسرائيلي يتفوّق على النظام الذي كان قائماً في جنوب أفريقيا، فهذا الأخير لم يكن يرمي إلى طرد واقتلاع "كلّ" السود من أراضيهم.
كيف يتولّى المجتمع الدولي الحماية وهو يرعى سياسات الاحتلال؟
وقدّم الباحث ريتشارد فالك ورقته بعنوان "المسؤولية عن الحماية والنكبة الفلسطينية"، وفيها ربط بين تهجير أكثر من سبعمائة ألف فلسطيني عام 1948، وبين أنماط العقاب الجماعي المُنفّذ بحقّ الغزّاويّين على مدار سبعة عشر عاماً من الحصار، بما يمثّل ذلك من جريمة ضدّ الإنسانية. أمّا الباحث الغيني سِبا غرافوغي فقد حمّل، في مداخلته "حماية الفلسطينيين: ذكريات ما بعد الاستعمار"، المجتمع الدولي نفسه مسؤولية ما آل إليه الوضع في ظلّ الاحتلال.
من العناوين التي طُرحت أيضاً في الطاولة المستديرة: "التعتيم على مسؤولية الحماية" لـ ديفيد بلامبو ليو، و"العدالة البيئية في فلسطين: حقوق السكان الأصليين في بيئتهم مقابل الهجوم الاستعماري" لمازن قمصية، و"المسؤولية عن الحماية والحقّ في المعرفة: تأمّلات في قضية فلسطين" لـ إيرين غيندزاير، و"المسؤولية عن الحماية التاريخية: مساءلة بريطانيا الخاصة" لـ إيلان بابيه، و"كلّ الدول الأعضاء" لـ فيجاي برشاد.