"القرن العشرون": سردٌ يبني على أفكار فالتر بنيامين

11 يناير 2023
فالتر بنيامين
+ الخط -

إذا كان التخييل التاريخي حقلاً لم يعد بالجديد اليوم، فإن كتابة رواية انطلاقاً من شخصية تاريخية، من دون الالتزام بالضرورة بروي حكايتها وتجربتها الشخصية كما جرت حقيقةً، لا تزال أمراً قليل الشيوع، لِما فيها من مُراوغةٍ بين فعل التخييل، الحرّ تعريفاً، وبين التقاطع مع التاريخ، الذي يُطالب كاتبوه والمدافعون عنه باحترام وقائعه وحقائقه.

ضمن هذه المنطقة الشائكة، بين الرواية والتاريخ، صدر العديد من الأعمال الروائية في فرنسا خلال السنوات القليلة الماضية، من تلك التي يستحوذ على بطولتها كتّابٌ ومفكّرون وروائيون، ولعلّ أبرز الأمثلة في هذا السياق رواية "الوظيفة السابعة للّغة" (2015) لـ لوران بينيه، والتي تدور أحداثها حول رولان بارت (1915 ــ 1980) ومقتله الغامض.

غير بعيدٍ عن هذه الأجواء، صدرت حديثاً، لدى منشورات "غاليمار" في باريس، رواية "القرن العشرون"، للكاتب أوريليان بيلانجيه، التي يبنيها مؤلّفها على مسيرة المفكّر والناقد الألماني فالتر بنيامين (1892 ــ 1940) وأفكاره.

وتنطلق الرواية مع قيام مجموعة من نشطاء اليسار، تحمل اسم المفكّر الألماني، بالعديد من عمليات التمرّد والعصيان المدني في فرنسا خلال السنوات الماضية، حيث يدمّرون سيارة شرطة عام 2016 في باريس، ويخرّبون واجهة مجمع تجاري قرب مدينة نانت عام 2021، وهو ما يدفع الاستخبارات الفرنسية للتحرّي حولهم.

القرن العشرون

وتزداد الحكاية توتّراً مع انتحار شاعرٍ مغمور عقب حضوره لمؤتمر حول بنيامين في "المكتبة الوطنية" بباريس، وهو ما يستدعي الاستعانة بثلاثةٍ من المختصّين بفكر وسيرة المفكّر، من أجل معرفة سبب الانتحار، وكذلك من أجل العمل على العثور على آخر مسوّدة تركها بنيامين قبل رحيله.

وفي هذه الحبكة البوليسية ــ التي تذكّرنا بحبكة "الوظيفة السابعة للّغة" حول بارت ــ يفتح أوريليان بيلانجيه الباب واسعاً على فكر فالتر بنيامين، الذي يستكشفه القارئ صفحة بعد أُخرى، وكذلك على جوانب عديدة من الحياة الفكرية والسياسية الأوروبية في القرن العشرين، انطلاقاً من مساره ومن علاقاته مع مثقّفين آخرين.

المساهمون