صدر العدد الخامس والتسعون من مجلة "فصلية القدس" باللغة الإنكليزية عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية"، واشتمل على مساهمات عدّة في موضوع مكانة الأضرحة، المواقع المقدّسة، والمهرجانات الدينيّة في المجتمع الفلسطينيّ، التي شهدت تحوّلات جذريّة على مرّ القرنين الماضيين.
وضمّ العدد أيضاً ملفّاً بعنوان "التعليم في القدس"، كتبت فيه الباحثة أنوار قدح دراسة "التعليم في القدس: الأداة الاستعماريّة الناعمة!" التي توضّح كيف أنَّ السياسات الإسرائيلية تزعم أنّها تهدف إلى تعزيز الرفاه والمساواة بين شطري المدينة، لكنّها في الواقع تخدم أهداف اليمين المتطرّف، وتكرّس "التهويد"، وهو ما يعني عدداً أقلّ من الفلسطينيين، والمزيد من المستوطنين. ومن ثم، لن يعيش في المدينة إلا الفلسطينيون الذين يتوافقون مع معايير المؤسسة الصهيونية.
وتلفت الدراسة إلى أنّه لتحقيق ذلك، أعلن وزير التعليم الإسرائيلي آنذاك (ورئيس الوزراء لاحقاً) نفتالي بينيت، قائلاً: "لقد حان الوقت ليتعلم الطلاب في القدس الشرقية أيضاً المنهج الإسرائيلي من الصف الأول، ويجب أن تكون القدس موحّدة بالأفعال وليس بالأقوال فقط، وكلما تعمّق التعلم القائم على المنهج الإسرائيلي، سنواصل تعزيز نظام التعليم في القدس الشرقية، لأن هذه هي الطريقة التي نبني بها المستقبل".
ويشتمل الملف على دراسة ثانية بعنوان "نحو أسرلة التعليم: ما تبعات إغلاق مكتب مديريّة التربية والتعليم بالقدس؟" للباحث زيد القيق الذي يعود إلى لحظة احتلال المدينة عام 1956 حيث كان التعليم من أول القطاعات المستهدفة، ويسعى للسيطرة عليه من خلال إلغاء المناهج الموجودة واستبدالها بتلك التي طورتها وكتبتها "إسرائيل"، وكان الهدف تزييف التاريخ وتبديل الحقائق لتغيير قناعات الطلاب الفلسطينيين.
وتضيء بعض النتائج التي توصل إليها الباحث الذي استغرقت دراسته نحو مدة عامين حول أهم الإجراءات التي اتخذها الاحتلال في ما يتعلق بالتعليم في القدس، ويستعرض منعطفات حاسمة في تاريخ دفاع المقدسيين عن حقهم في استخدام مناهج دراسية تحافظ لهم وللأجيال القادمة على قيمهم وتراثهم الوطني، من أجل فهم تداعيات قرار الاحتلال بتاريخ 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 بإغلاق مديرية التربية والتعليم الفلسطينية في البلدة القديمة بعد اعتقال مدير التربية والتعليم سمير جبريل.
وفي زاوية "طاولة مستديرة"، أربع مداولات، هي: "الفضاءات المنكمشة، المجتمعات المنفيّة والبيئات المشوّهة: دراسة الصحّة والبيئة ما بين الفلسطينيّين من خلال العدسة البيئيّة والاجتماعيّة" كتبتها هيئة التحرير، و"عن الاستعمار الاستيطانيّ والبيئة والصحّة" لأسامة طنوس، و"فلسطين وعصور ما قبل التاريخ وأصول الزراعة" لبريان بويد، و"الآثار الجندريّة للتحوّلات البيئيّة والاجتماعيّة في غور الأردن" لميساء نمر.
أمّا زاوية قراءات، فضمّت دراستَي "الحياة والموت والرغبة في الإنجاب في فلسطين الانتدابيّة وحاضراً" لنديم بوالصة، و"بزوغ وأفول النبي موسى" لجاكوب نوريس، بالإضافة إلى عدد من النصوص والمقالات عن الهوية المعمارية لمنطقة القدس، والحجّ الإسلاميّ إلى الأماكن المقدّسة المسيحيّة في القدس خلال الحقبة الوسطى المتأخّرة والحديثة المبكّرة، وغيرها.