"الفن والتكنولوجيا".. محاولة جديدة لفهم العمل الفنّي

أدى التطوّر التكنولوجي والرقمي الذي يشهده عصرنا إلى صياغة علاقات جديدة بين العمل الفنّي والأشياء الناتجة عن هذا التطوّر. أثّر ذلك على تجارب العديد من الفنانين الذين فهموا هذا التطوّر على أنه توجُّه جديد ينضوي على جمالية جديدة. ولا غرابة في الأمر، فالتاريخ، بشكل أو بآخر، يكرّر نفسه، ولو بصيغ مختلفة؛ إذ حدث الأمر نفسه في القرن العشرين مع الحركات الطليعية الجديدة، التي فهمت الفنّ على أنه صياغة علاقات جديدة بين الأشياء والأشكال.

في المقابل، أصرَّ بعض الفنّانين على التمسّك بالأشياء الأصلية الأولى، والابتعاد عن كل ما هو صناعي وحداثي. هكذا اتخذوا من الطبيعة، على سبيل المثال، أساساً لأعمالهم، باعتبارها الجذر الأول لأي عمل فني ممكن. أمّا آخرون، فقرّروا دمج الأمرين، واستعانوا بالعناصر الطبيعية في عملهم الفنّي دون أن يهملوا التطوّر التقني والحداثي الذي يحيط بنا، فكان عملهم الفني تجربةً تمزج الطبيعة مع التكنولوجيا.

على هذه الرؤية التي تمزج بين الطبيعة والتقانة، ينهض معرض "الفن والتكنولوجيا" الذي يقام حالياً في متحف "رينيه بروساو للفنون الجميلة" بالعاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس. يستمر المعرض حتى الثلاثين من الشهر الجاري، ويقدّم تجارب سبعة فنانين أرجنتينيين، يحاولون من خلال أعمالهم اقتراح جمالية حسية وتفاعليه تركّز على العلاقة بين الطبيعة والموارد التكنولوجية.

ينقسم المعرض إلى سبعة أقسام، هي: "تناغم السحر" لـ سيسيليا غارسيا، و"تمارين لتذكر المستقبل" لـ دينيسي سول، و"مسرح العمليات" لـ كريستيان كوتشيا، و"قسوة الموت" لـ مكسيميليانو داخروش، و"ديانا" لـ لاورينو كاسادا، و"فراشات مضيئة" لـ كولونيا بينيتز، و"الآلهة شيبيلاخ" لـ ريتا مدينا؛ وجميعها تهدف إلى خلق شيفرة جديدة لاستقبال العلاقة بين الفن والتكنولوجيا والطبيعة، من أجل دمجها في المجتمع، خصوصاً أنّ الأمر يتطلب مواقف وقراءات جديدة أقلّ تحفظاً. 

تقوم جميع الأعمال المشاركة، بشكل جوهري، على أساس التفاعل مع المشاهد، ولهذا الغرض ثمة منحوتات ضوئية، وأخرى صوتية، لا يمكن أن تُفهم إلّا إذا تدخّل فيها جسد المشاهد أو الزائر. 

ويحاول الفنّانون من وراء هذه الأعمال خلق فرص جديدة كي يتمكن قارئ العمل من إيجاد طريقة للمشاركة في فهم الفن، وهي محاولة مرتبطة بإمكانية توسيع إدراكنا للحالات والمستويات الموجودة في الواقع، والتي تحيط بنا.

آداب وفنون

التحديثات الحية

بابلو بيرناسكوني...الفن في مواجهة الخطر البيئي