خلال السنوات الماضية، قدّم العربي توراك مشروعاً حول التواقيع وأشكالها الخطية ضمن بناء زخرفي يعتمد الأشكال الهندسية، بحيث قسّم عمله إلى مربعات أو مستطيلات ضمّ كل واحد منها تواقيع حوالى مئتي خطاط من مختلف أنحاء العالم، مع تركيزه على التباين اللوني بين التوقيع وخطه، مستخدماً الأصفر والأسود والأحمر والأزرق والأخضر والأبيض بشكل أساسي.
اختار الفنان التشكيلي المغربي (1969) خطين أساسيين في هذا المشروع، أولهما الخط المغربي المجوهر الذي استخدمه السلاطين في المغرب تاريخياً في كتابة مراسيمهم، وخط التواقيع الذي عرفه العرب منذ أكثر من ألف عام، واشتُقَّ من الثلث، وحرّرت فيه الكتابات السلطانية أيضاً.
حتى السابع عشر من الشهر الجاري، يتواصل معرضه الجديد تحت عنوان "قندوسيات"، الذي افتُتح في الثالث منه في "رواق محمد القاسمي" بمدينة فاس (200 كلم شمال شرق الرباط) بتنظيم من وزارة الثقافة المغربية.
يضمّ المعرض أربعين عملاً للعربي توراك، تنتمي إلى الخط المغربي المسمى "القندوسي" الذي يُنسب إلى المتصوّف الجزائري محمد بن القاسم القندوسي، حيث ظهر لأول مرة في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وخطّ به المصحف في اثني عشر مجلداً لا تزال محفوظة في الخزانة الحسينية بالمغرب.
تأخذ الأعمال المعروضة كثافة في رسم بعض الحروف، مع كثافة لونية في تظهيرها مع انزياح نحو التدوير الذي يشكل مركز الحركة في اللوحة، مع توزيع للمساحات لخلق توازن بين الحروف البارزة منها والأقل بروزاً، وتوليد علاقات بينها تعتمد على تداخلها وانصهارها أحياناً وافتراقها أحياناً أخرى.
ويتبع توراك في عشرة أعمال تاريخ الخط الإسلامي على امتداد الزمن، وهو المفهوم الرئيس الذي يحكم مشاريعه السابقة، في محاولة لفهم التطورات التي حلّت بالخط، وخاصة في انتقاله من المشرق إلى المغرب، حيث أثّر الخط الكوفي العراقي في كتابة أهل أفريقيا، فتولّد عنه الخط القيرواني الذي نتج منه أيضاً الخط الأفريقي، بينما أثر الخط الكوفي الشامي في الأندلس فظهر الخط الأندلسي.
وأشار الخطاط إلى أن معرضه يأتي في إطار مبادرة للحفاظ على فن الخط العربي، الذي يُعَدّ أداة تعبير تمكّن الفنانين من بلورة أعمال خلابة وصوغها، من طريق الكتابة، وتروم أيضاً إعطاء دينامية جديدة للساحة الثقافية والفنية في مدينة فاس بعد مرحلة طويلة من الركود الناجم عن الجائحة.