بين 1953 1984، أنجز المعماري الفرنسي فرناند بويون قرابة ثلاثمئة مشروع معماري في الجزائر، توزّعت بين الأحياء السكنية والفنادق والمجمعات السياحية؛ إذ كلّفته الإدارة الاستعمارية بين 1953 و1957 ببناء سكناتٍ موجّهة لثمانية آلاف جزائري في زمن قصير وبتكلُفة مالية منخفضة، وهو ما تحقّق فعلاً؛ إذ أنجز ثلاثة أحياء في الجزائر العاصمة في فترة لم تتعدَّ سنةً واحدة؛ هي "ديار السعادة"، و"ديار المحصول"، و"مناخ فرنسا"؛ وهي أحياءُ راعى فيها الطابع العمراني المحلّي.
في فرنسا التي عاد إليها بعد استقلال الجزائر، سيجدُ المعماري والمخطّط الحضاري والكتاب الفرنسي (1912 – 1986) نفسه ممنوعاً من العمل بعد إقصائه من "نقابة المهندسين"، فيحزم أمتعته مُجدّداً إلى الجزائر عام 1965؛ حيثُ سيُعهد إليه بالإشراف على إعادة الهيكلة السياحية في البلاد؛ وهو المشروع الذي أسفر عن بناء عشرات من الفنادق التي راعت الخصوصية المحلّية وحضرت فيها التأثيرات العثمانية والأندلسية والمزابية؛ مثل "الرياض" و"المرسى" في منطقة سيدي فرج بالجزائر العاصمة، و"الزيانيّين" في تلمسان، و"المنتزه" في عنّابة.
يوم الأربعاء الماضي، أعلنت وزارة السياحة والصناعة التقليدية الجزائرية عن إطلاقها، بالتعاوُن مع وزارة الثقافة، حملةً لتصنيف مجموعة من الفنادق والمجمّعات السياحية والحمّامات المعدنية في قائمة "التراث الوطني"، بهدف "المحافَظة على التراث الهندسي المشترَك، وإعادة الروح للأعمال الفندقية لـ فرناند بويون الذي يُعدّ مهندساً معمارياً استثنائياً ترك للجزائر تراثاً فريداً".
ولاحقاً، أفاد بيانٌ لوزارة الثقافة أنَّ "اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية" صادقت، الأربعاء، على تصنيف مجموعة من الممتلكات الثقافية ضمن لائحة "التراث الوطني"، من بينها خمس مجموعات فندقية صمّمها بويون؛ وهي "ريم" في ولاية بني عبّاس، و"المهري" في ولاية ورقلة، و"البستان" في ولاية المنيعة، و"تاهات" في ولاية تامنغست، و"المخثر" في عين الصفراء بولاية النعامة.
وأشار البيان إلى أنّ هذا التصنيف هو الأوّل الذي يشمل مبانٍ صمّمها المهندس المعماري الفرنسي، مضيفةً أنَّ ملفّات تصنيف أُخرى للمهندس نفسه ستُدرج في الاجتماعات المقبِلة لـ"اللجنة الوطنية للممتلكات الثقافية".
وإضافةً إلى المباني الخمس، صنّفت اللجنةُ أيضاً محطّتَي تجارُب لتربية المائيات في كلّ من بو اسماعيل في ولاية تيبازة وبني صاف في عين تموشنت ضمن لائحة "التراث الوطني".