"التلفاز": عن التلاعب بعقول الجمهور وعواطفهم

01 يونيو 2023
من العرض
+ الخط -

كيف تتحكّم الميديا في الجمهور وتتلاعب بعقولهم وعواطفهم؟ هذا هو السؤال المركزي في مسرحية "التلفاز" التي قُدّم عرضُها الأوّل في "قاعة الريو" بتونس العاصمة، مساء أوّل أمس الثلاثاء. عملٌ يأخذ التلفازُ الكبيرُ، الذي يتوسَّط الخشبةَ، مكانةً مركزية ضمن عناصره السينوغرافية المتقشّفة. ثمّةَ، أيضاً، قليلٌ من الأثاث في المكان الذي سنعرف أنّه غرفة جلوس، وبالطبع جهازُ تحكُّم صغير سنكتشف سريعاً أنّه يتحكَّم في مَن يُمسك به في يده أكثر ممّا يفعل في التلفاز.

بطلةُ المسرحية سيّدةٌ ممتلئةٌ تقضي جُلّ وقتها قبالة التلفاز. نرى، منذ الوهلة الأُولى، أثر قلّة الحركة على جسدها، ثُمّ نلمس أثر تعلُّقها المرَضي بالتلفزيون على نفسيتها التي تتقلّب بين عواطف وأمزجة حادّة ومتناقضة: السعادة والحزن، الهدوء والانفعال، يتعكّر مزاجهُا، ثُمّ تصير رومانسيةً وحالمة بعد حين.

إنّها "أحداثٌ حقيقة لا يراها أحد"، مثلما نقرأ على ملصق العرض. هذا العنوان الفرعي، الذي يبدو تفسيريّاً، يُشير إلى أنّ التأثيرات السلبية لأجهزة الإعلام، على الفرد والمُجتمع، لا تُثير انتباه أحد غالباً، ربّما لأنّها تحدُث ببطء، لكنّها في النهاية تأثيراتٌ عميقةٌ؛ فالتلفزيونُ الموجود في منتصف الخشبة/ غرفة الجلوس، لم يعُد مجرَّد جهاز للترفيه، بل باتَ حضوره أساسيّاً، وهو من يتحكَّم في الأذواق ويُحدِّد الصواب والخطأ. أمّا المرأةُ فترفض الابتعاد عنه لتتعرّف إلى نفسها بعيداً عن هذه الدائرة المغلقة. لقد امتصّ التلفزيون روحَها وأفرغَها من الداخل.

العملُ، الذي أنتجته "شركة المسرح الموحَّد" من كتابة وإخراج عبد الرحمن الشريف وصادق عيداني، اللذين يُشاركان في التمثيل إلى جانب كلّ من سلمى وحيدة وهيثم قويعة وحامد سعيد. وهو، بحسب القائمين عليه، العرض الأوّل ضمن سلسلة عروضٍ تقوم على حركات الجسد والإيماءات والظلال في مقابل تقشُّف في الحوار، وتتناول ثيمةً واحدة هي التحكُّم في المجتمع.

المساهمون