"الأمل يشلّني".. ألعاب الهوية والأقنعة

21 ابريل 2023
روني هورن (تصوير: بيلين دي بينيتو)
+ الخط -

تسهِّلُ أعمال الفنّانة الأميركية روني هورن (1955) حياة أي شخصٍ يقفُ أمامها، بما في ذلك، حياةَ ناقدِ الفنّ. فالروح الموجودة في عملها الفنّي، والخشونة، والأناقة، والحدّة، والسخرية، إضافة إلى ألعاب الأقنعة والهويّة الخاصّة بها، تشكّل فرصةً للدخول إلى منطقة عالمية، لا بالمعنى الفيزيائي للكلمة، بل بالمعنى الزمني.

فالزائر القادم إلى "مركز بوتين" في مدينة سانتندير الإسبانية، لحضور معرضها الفنّي "الأمل يشلّني"، والذي افُتتح في الأول من الشهر الجاري ويستمر حتى العاشر من أيلول/ سبتمبر المقبل، سيجد وقتاً كافياً كي يتذكّر ويفكّر في الطفولة، ولَعثمات القراءات الأولى، وفترة المراهقة، والوقفات الطويلة أمام المرايا، وشعور فقدان الوالدين، ولحظات الحبّ والألم الأُولى، حتى الندوب؛ تلك اللّحظات التي لا نكون فيها سوى بقايا حياة. هكذا تضع هورن بصمتها على كلّ هذه التجارب، وتعبّر عن ذاتها في أعمالها المعروضة، كمنشورٍ وجودي وسريٍّ جنسي.

تعزّز الأعمال المعروضة والموّزعة بطريقة فريدة في صالات المركز فكرة الفنّانة الأميركية عن معنى الوجود في اللّحظة الحاليّة، دون أن تهمل المكان الخارجي وتحوّلاته. بهذه الروح، يدعونا المعرض إلى الاسترخاء والاهتمام بلعبة الثنائيات والتناقضات التي تُعرض أمامنا في كلّ غرفة، في محاولةٍ تجريبية لخلق حوار عميق بين المكان والضوء، الماء والسكينة الموجودة في أعمال الفنانة. 

يغطي المعرض ثلاثة عقود من مسيرة هورن، وفيه 400 رسمةٍ جديدة

تغطي الأعمال المعروضة ثلاثة عقود من مسيرة هورن المهنية، من خلال الصور الفوتوغرافية والرسومات والمنحوتات والارتجالات. وتبدو جميعها ذات طابعٍ مفاهيمي، حيث تُجهد الفنانة النيويوركية نفسها في استكشاف الطبيعة التحوّلية لعلاقة الهويّة مع المكان. إضافة إلى ذلك، تعرض الفنّانة للمرّة الأُولى سلسلة من أربعمائة رسمةٍ تؤدي دوراً توثيقياً، إذ استخدمتها من أجل تدوين ملاحظاتٍ وأحداث يومية توضّح بشكلٍ بارز حساسية الفنانة وضربة ريشتها الخاصة. 

الصورة
من المعرض (ت: بيلين دي بينيتو)
من المعرض (تصوير: بيلين دي بينيتو)

قد يكون مفهوم العزلة من أكثر الموضوعات المطروحة في لوحات الفنانة، ولا شك أن ذلك يعود إلى تجربة السفر عبر المناظر الطبيعية النائية في أيسلندا عام 1975. تظهر أيضاً موضوعات الماء والطقس بشكل بارز في المعرض، إذ تستغل هورن قابليتهما للتغيير وطبيعتهما الغامضة من أجل ربطهما بمفهوم الهوية المتحوّل دائماً، والذي لا يمكن أن يكون ثابتاً أو مستقرّاً. مع ذلك كلّه، لا تُخفي الفنانة الأميركية حاجتها للظلام، أو لعدم التعوّد على الضوء، أو لتعوّدها على تكييف رؤيتها في الليل. 

من الجدير بالذكر أن روني هورن فنانة أميركية من مواليد نيويورك عام 1955، طوّرت عملها الإبداعي، على مدى أربعين عاماً، في مجموعة متنوعة من الوسائط، وتشمل التصوير والنحت والرسم والتجهيزات. حالياً تعمل وتعيش في مدينتها الأم. عرضت في عدة بلدان أوروبية آخرها باريس وإسبانيا.

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون