في عام 1948، أرسل رجل الدين العراقي محمد محمود الصواف (1915 – 1992) برقية إلى مشيخة الأزهر، تتحدث سطورها عن استعداد المجاهدين العراقيين للقتال في فلسطين، وهو ما توثّقه الوقائع لاحقاً حيث أسس الصوّاف "جمعية إنقاذ فلسطين"، وذهب للقتال مع ثلاثة أفواج من المتطوعين خرجوا من العراق.
البرقية التي أعاد الأزهر نشرها في جناحه بـ"معرض القاهرة الدولي للكتاب"، الذي تُختتم فعاليات دورته الخامسة والخمسين اليوم الثلاثاء، ضمن ستّ وثائق تعود إلى تلك الفترة، تشير إلى اجتماع ألوف المصلّين في "جامع الإمام الأعظم" ببغداد في مؤتمر كبير جدّدوا خلاله العزم على بذل الأنفُس والنفائس في سبيل فلسطين، و"مترقّبين العمل الحاسم داعين إلى الله بالنصر العزيز"، كما يختتم الصواف برقيته.
في وثيقة ثانية، يوجّه شيخ الأزهر محمد مأمون الشناوي (1878 - 1950) دعوة إلى هيئة كبار العلماء في منزله بحيّ الحِلمية الجديد في القاهرة للاجتماع في الثاني عشر من كانون الأول/ ديسمبر 1948، لمناقشة ما آلت إليه الأوضاع في فلسطين.
وقد أصدر أكثر من مئتي أزهري ممّن شاركوا في ذلك الاجتماع بياناً يُتيحه الأزهر ضمن الوثائق أيضاً، يدعون فيه ملوك ورؤساء الدول العربية، والشعوب العربية والإسلامية، وقادة الرأي فيها، لتضافر القوى ويجتمع ما تفرّق من الشمل لإنقاذ فلسطين من العصابات الصهيونية، محذّرين من إنشاء دولة يهودية "يمتدُّ سلطانها وتتحكّم قوّتها في الدول العربية كافة، وفي البقاع المقدّسة عامة".
وحثّ البيان على مواصلة الجهاد بقوله: "سيروا أيها العرب على بركة الله في الطريق الذي رسمتموه لإنقاذ فلسطين"، مُضيفاً "فكونوا على بيّنة من أمركم، وعلى هدىً من ربكم، واحسموا الدّاء، ولا تدعوا أسلحتكم حتى تنقذوا أوطانكم من هذا الخطر الداهم والشرّ المُستطير".
لكن هذه الوثيقة تنطوي أيضاً على رفض لـ"مؤتمر أريحا" الذي أُعلن فيه الملك عبد الله الأول ملكاً على الأردن وفلسطين، وأتت في سياق التنافس بين عمّان وبين القاهرة بعد النكبة، حيث سعت الأولى إلى ضمّ ما تبقى من فلسطين بعد احتلالها إلى الأردن في إطار وحدوي، بين دعمت الثانية قيام حكومة عموم فلسطين في غزّة والتي تمّ حلّها رسمياً عام 1959.
وينشر الأزهر وثيقة تتضمّن قراراً لـ"المعهد السكندري"، أحد المعاهد الأزهرية، بتشكيل لجنة سمّاها "لجنة إنقاذ فلسطين"، كان دورها جمع التبرعات لتزويد أهل فلسطين بأموال لمساعدتهم، وأصدرت هذه اللجنة نداءً عالمياً أكّدت خلاله ضرورة الوقوف بجانب الشعب الفلسطيني ومساندتهم في محنتهم.
إلى جانب وثيقة تمثّل رسالة بعثت فيها مديرة "مدرسة فلسطين الثانوية للخطوط الأمامية" في عمّان إلى مشيخة الأزهر في التاسع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 1970، تطلب زيادة المنح الدراسية لطلبتها في "جامعة الأزهر" عبر تخصيص خمس عشرة منحة إضافية للاجئين الفلسطينيين في الأردن، وتزويد المدرسة أيضاً بمجموعة من الكتب.