"اتحاد الكتّاب في العراق": محاولة تهدئة أم قمعٌ لحرّية التعبير؟

25 يونيو 2024
من سوق الكتاب في "شارع المتنبّي" وسط بغداد، تموز/ يوليو 2022 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق أسس لجنة لمراقبة محتوى النشر على مواقع التواصل الاجتماعي لضمان عدم الإساءة للثقافة أو المعتقدات، ردًا على منشورات مثيرة للجدل.
- تشكيل اللجنة أثار مخاوف من تقييد الحريات الإبداعية، مع ردود فعل متباينة تتراوح بين السخرية والقلق والترحيب بفكرة ضبط الإعلام الأدبي.
- الاتحاد يواجه تحديات تتعلق باتهامات الفساد والمحسوبية، وجدل حول علاقاته بأدباء النظام السابق، مما ينذر بفترة من النقاش الحاد حول مستقبل الحريات الثقافية في العراق.

في الثاني من حزيران/ يونيو الجاري، أعلَن "الاتحاد العامّ للأدباء والكتّاب في العراق" عن تشكيل "لجنة خاصّة" وظيفتها ممارسة الرقابة على ما يَنشره أعضاؤه على مواقع التواصل الاجتماعي، بهدف "رصد أيّة إساءة مباشرة لأيّ رمز أو معتقد أو فكرة نيّرة، أو كلّ ما من شأنه أن يُزعزع الهدوء الثقافي"، مُضيفاً أنّ اللجنة ستفصل بين أيّ خلاف ينشب بين أعضائه.

جاءت الخطوة، على ما يبدو، ردّاً على منشور لشاعر عراقي على فيسبوك، عبّر فيه عن سعادته لعدم دعوة شعراء إلى "مهرجان أبي تمّام الشعري" الذي احتضنت مدينة الموصل فعاليات دورته السادسة مؤخّراً، واستخدم فيه عبارات اعتُبرت مسيئةً إليهم، ما أثار استياء كثير منهم، قبل أن يعود ويحذف المنشور من حسابه، لكن بعد تداوله على نطاق واسع.

ولا تنفصل الخطوة، أيضاً، عن جدلٍ مماثل أُثير على خلفية إلقاء شاعر عراقي آخر قصيدةً، في ختام الدورة الخامسة والثلاثين من "مهرجان المِربد الشعري" بمدينة البصرة مطلع شباط/ فبراير الماضي، رأى البعض أنّها تتضمّن إساءةً لجزء من المجتمع العراقي وتتّهمه بالتواطؤ مع جهات قال إنّها سعت إلى تدمير المناطق التي احتلّها "داعش" عام 2014، إضافةً إلى "محاولته تبرئة التنظيم من أيّة أعمال تخريبية".

مخاوف من تحوّل الاتحاد إلى "مركز شرطة" يقمع كلَّ من ينتقده

وحينها، ردّ عددٌ من الشعراء بقصائد وبيانات تستنكر القصيدة، قبل أن يدخل "الاتحاد العامّ للأدباء والكتّاب" على الخطّ بإصداره بياناً دعا فيه أعضاءه إلى "الابتعاد عن المشاحنات التي من شأنها أن تخلق أجواء عدائية بين المثقّفين".

ضمن هذه السياق أيضاً، تداوَل المشهد الثقافي العراقي، في الأيام الأخيرة، وثيقةً منسوبةً إلى الاتحاد، موقَّعة باسم أمين الشؤون الإدارية والمالية فيه، جمال الهاشمي، بتاريخ الرابع من حزيران/ يونيو الماضي، تتحدّث عن تشكيل ما سمّته "لَجنة تحقيق عامّة" تتألّف من خمسة أعضاء، وتتمثّل مهمّتها في "النظر في شكاوى الأدباء المتعلّقة بالجانب الأدبي والنشر في مواقع التواصل الاجتماعي وما يُقرأ على المنصّات الثقافية بما يُسيء لسمعة الوطن ويمسّ بالقضايا الوطنية والرمزية، وضبط الإعلام الأدبي وتحقيق ثقافة رصينة لطرح الآراء ومناقشتها".

وبينما لم يُعلّق الاتحاد رسميا على الوثيقة، تراوحت ردود فعل الساحة الثقافية بين منتقد وساخر ومرحّب أيضاً؛ فبينما تساءل البعضُ، عبر حساباتهم في المنصّات الاجتماعية، عن المقصود بـ"القضايا الرمزية والوطنية" والمعايير التي تُقرِّر ما إذا كان منشورٌ ما "مُسيئاً"، مُعتبرين أنّ الخطوة تمسّ بحرّية الإبداع والتعبير وتُهدّد بتحويل الاتحاد إلى "مركز شرطة" يقمع كلَّ من ينتقد أنشطته وقراراته، رأى آخرون فيها "خطوةً ضروريةً لضبط تصرُّفات بعض الأعضاء وإلزامهم بقواعد السلوك الحسن".

وكان الاتحاد قد أعلن عن إقامة جلسة ثقافية في الحادي عشر من الشهر الجاري من تقديم الأكاديمي صالح الحصن تحت عنوان "لغة الأوساط الثقافية في المواقع الإلكترونية.. من أجل الحفاظ على رصانة ثقافة الخطاب والنشر"، لكنّه لم يُغطّها عبر صفحاته على غير جري العادة، ما يوحي بأنّها لم تُعقد من الأساس.

ويواجه "الاتحاد العامّ للأدباء والكتّاب في العراق"، ممثّلاً في إداراته ومجلسه المركزي، في الأشهر الأخيرة، اتّهامات، من بعض الكتّاب، بسوء الإدارة والفساد والمحسوبية في منح العضوية، وإقامة تكريمات على أساس المجاملة، فضلاً عن تقريب أسماء "تنتمي إلى النظام السابق"، وهو الاتهام الذي وجّهه الباحث والكاتب ناجح المعموري (رئيسُه السابق لفترتَين بين عامَي 2016 و2022) لإدارة الاتحاد في رسالة استقالة بعث بها في أيار/ مايو الماضي، وقال فيها إنّه حاول مراراً منع الاتحاد من بناء علاقات مع "أدباء البعث" دون جدوى.
 

المساهمون