ضمن مشروع لتقديم المشهد الفني في أفريقيا، قدّم غاليري "فوريني أجنت" في مدينة لوزان السويسرية سلسلة لوحات للفنان التشكيلي التونسي إلياس المسعودي، في معرض بعنوان "كاهنة" اختُتم يوم أمس الأحد.
تاريخ تونس البعيد هو مادة هذا المعرض، حيث حاول المسعودي - المعروف باشتغاله ضمن مفردات البوب آرت - أن يلامس شخصيات تاريخية أبرزها الكاهنة ديهيا، التي تزعّمت مقاومة القبائل الأمازيغية للفتح العربي، وباتت بمرور الزمن رمزاً من رموز المقاومة بغض النظر عمّن واجهتهم، خصوصاً أن بعض المصادر التاريخية تشير إلى كونها أوصت أبناءها باعتناق الدين الجديد.
لا يبدو اختيار المسعودي لهذه الشخصية، وهذه المرحلة تحديداً، اعتباطياً. هناك روابط كثيرة مع الواقع التونسي الجديد، مثل جدالات الهوية التي طغت بقوّة بعد 2011، إضافة إلى سجالات كثيرة فُتحت حول هويّة الشخصيات التي يمكن أن تكون رموزاً جامعة للتونسيين. ولكن رغم الانفتاح على مثل هذه السجالات، لا تحضر في أعمال التشكيلي التونسي أحكامٌ مسبقة أو إسقاطات.
اختيار موضوع المعرض يندرج أيضاً ضمن البحث البصري الذي دأب عليه المسعودي، فهو يعمل كثيراً على تركيب مفردات تبدو متباعدة، وفي معرضه الجديد يصبّ علامات من التراث (خيول، سفن، مبانٍ قديمة...) في قوالب الهويّة البصرية للبوب آرت.
كما اعتمد المسعودي في معرضه على تركيبات قريبة من تصوّرات التصميم الحديث، من ذلك إحدى اللوحات التي تظهر فيها خريطة شمال أفريقيا مع مسارات سفن قادمة إليها من الشرق ونقاط التقاء الجيوش، والتي تُختزل في فرسان يجسّد المسعودي تفاصيل هندامهم وأسلحتهم.