"من يزور طنجة سيلاحظ فيها شيئاً شبيهاً بالطابع اليوناني والمشترك الإنساني الكوني. لذلك، لا يشعر المرء بأنّه داخل مدينة لا تشبهه، أو أنّه في فضاء يعرفه على الورق وفي عالم الأدب والتاريخ والوصف فحسب، بل يشعر أنه عاش فيها منذ زمن طويل".
هذا ما يقوله الكاتب والمستعرب والمترجم الإسباني غونزالو فرنانديز بارييا لكلِّ من يسأله عن مدينة طنجة؛ المدينة التي وطأتها قدماه للمرّة الأولى عندما كان في سن التاسعة عشرة، لكنّه مع ذلك، ظل يعيش في ذاكرتها، وليس كتابه الجديد "إلى جنوب طنجة"، الصادر بالإسبانية عن دار " كواديرنوس دي أوريزونتي"، إلا دليلاً على شغفه بالمدينة المغربية.
يحاول أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بـ "جامعة مدريد المستقلة" عبر كتابه تغيير الصورة النمطية الراسخة في أذهان الكثير من الإسبان عن المغرب، والتي تعمّقت في عهد دكتاتورية فرانكو، وتحوّلت إلى ما يشبه العقيدة. من هنا جاء هذا الكتاب كي يكون، كما يصفه مؤلّفه، "دليل سفر" للتعرّف على المغرب وشعبه وثقافته والجوانب غير المعتادة منه، إلى جانب محاولة محو الأفكار التي يحملها الزوّار عموماً، والزائر الإسباني خصوصاً، عن المغرب والتي لا يأخذها معه خلال زيارة بلدان أُخرى.
الكتاب الذي اختار له صاحبه عنواناً فرعياً "رحلة إلى ثقافات المغرب"، ينفتح أيضاً على الموسيقى والأدب المغربيّين باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية، إلى جانب انفتاحه على كتّاب إسبان من أصول مغربية، من بينهم من هاجروا إلى إسبانيا في سن مبكّرة وبرزوا في العقود الأخيرة في المجال الثقافي.
وعن اختيار مدينة طنجة لعنونة كتابه، يقول بارييا: "إن طنجة لها علاقة خاصة مع إسبانيا باعتبارها بوابة المغرب للمسافر عبر البواخر، مشيراً في السياق ذاته إلى علاقته الشخصية مع المدينة المغربية، على اعتبار أنّه أقام فيها بضع سنوات، مستحضراً في الوقت ذاته تأثّره في صياغة العنوان بكتابين، هما "إلى الجنوب من غرناطة، لـ جيرالد برينان، و"إلى الجنوب من طريفة” للدبلوماسي الإسباني ألفونسو دي لا سيرنا.
"عندما بدأت في مغامرة تأليف هذا الكتاب، كان هدفي إيصاله إلى جمهور أوسع قد يكون مهتمّاً بالتعرّف على المغرب بطريقة مُغايرة لا تخضع لمنطق الصور النمطية القوية في الذهن الإسباني. هكذا انطلقت من فكرة أساسية مفاده تغيير العقلية الإسبانية حول المغرب، وتغيير أنماط التعاطي مع هذا البلد"، يقول الكاتب الإسباني.