في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين العلوم الاجتماعية والسياسية وشبكات الاتصال والفلسفة والميثولوجيا والرواية.
■ ■ ■
"جمنة.. واحة الثورة" عنوان كتاب جديد، لعالم الاجتماع التونسي محمد كرو، صدر مؤخراً بالفرنسية عن منشورات "سيراس". يعود الكتاب إلى تجربة تنموية أشرف عليها سكّان بلدة جمنة في جنوب تونس في فترة تخلخل الدولة ما بعد ثورة 2011. كانت المفارقة أن إدارة المجتمع بعيداً عن وصائية الدولة وأجهزتها قد قدّمت إنتاجية تنموية واضحة في البلدة، على مستوى الثروة الزراعية وعلى مستوى الخدمات الصحية، عكس فشل السياسات التنموية التي قدّمتها الدولة لعقود. أحدثت هذه المفارقة جدلاً واسعاً حول حدود تدخّل الدولة في إدارة المجتمع في تونس.
عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، صدر مؤخراً كتاب "سيميائيات الخطاب الاجتماعي: دراسة نظرية وتحليلية" للباحث المغربي عبد المجيد نوسي الذي يحاول في هذا العمل إغناء الأنموذج السيميائي وتوسعته من خلال تحليل الخطاب الاجتماعي في وقت تقتصر فيه عادة تطبيقات السيميولوجيا عربياً على الأدب والفن. يتوزّع العمل بين قسمين: الأول نظري، وقف فيه الباحث عند مفهوم الخطاب بمختلف مدلولاته. أما القسم الثاني فكان تحليليًّا، يضع المفاهيم النظرية والإجرائية التي قدّمها الكاتب من منظور إشكالي على محك التحليل.
بترجمة عبد الله زارو، صدرت مؤخراً عن "أفريقيا الشرق"، النسخة العربية من كتاب "في ظلال ديونيزوس.. مساهمة في سوسيولوجيا المجون" للباحث الفرنسي ميشيل مافيزولي. يقارب المؤلف المجون ضمن مساجلة مع كيفية معالجته في الفكر والأدب والفن، وفيما يشير إلى أنه تمثّل يجعل من لمجون أقرب إلى خلل اجتماعي (خروج عن الصوابية)، أو إلى فشل في تدجين المفلت، فهو يقدّم تصوّراً يجعل من المجون "حالة من سريان منطق شهواني في الجسم الاجتماعي" يجري إفرازها طبيعياً مهما كانت درجة تقدم المجتمعات على المستوى الفكري أو العلمي.
في طبعة مشتركة بين "مركز الموسيقى العربية والمتوسطية: النجمة الزهراء"، ومنشورات "سوتميديا"، و"المركز التونسي للنشر الموسيقولوجي"، صدر مؤخراً كتاب جماعي بعنوان "المباحث الموسيقية التونسية، قراءة تاريخية". من الدراسات التي يتضمّنها الكتاب: "التنظير الموسيقي بتونس خلال القرن الخامس ميلادي" لـ أنيس المؤدّب، و"محاولات تنظير موسيقى المالوف وتدوينها خلال القرن 19" لـ محمد أنيس العقربي، و"العود العربي في القرن العشرين في أوروبا" لـ سالفاتوري مورا، و"بوادر التمثيل الكتابي للموسيقى في تونس" لـ خولة السلامي.
لدى منشورات "نوس" في مدينة كون الفرنسية، صدر حديثاً كتاب "33 كتابة عن دانتي" للشاعرة والناقدة الفرنسية جاكلين ريسّيه (1936 ــ 2014)، صاحبة إحدى ترجمات "الكوميديا الإلهية" إلى الفرنسية، ومن أبرز المختصّين في فرنسا بأعمال الشاعر الإيطالي (1265 ــ 1321). يضمّ العمل دراساتٍ، ومقالات، وحوارت حول تجربة دانتي تعود إلى الفترة بين 1973 و2014. ويأتي جمع هذه النصوص كترجمة لرغبة من دار النشر، ومن محرّر الكتاب، الناقد والمترجم مارتان رويف، في الإضاءة على دور ريسّيه في لفت الانتباه إلى الشاعر الإيطالي في فرنسا.
في طبعة مشتركة بين داري "الرافدين" و"تكوين"، صدرت حديثاً النسخة العربية من رواية "الخادمة الشهيرة" للكاتب الإسباني ميغيل دي ثربانتس (1547 ــ 1616)، بتوقيع عبد الهادي سعدون. يُعدّ العمل واحداً من القصص الطويلة، أو الروايات القصيرة، التي كتبها ثربانتس ضمن ما يُعرَف بـ"الروايات النموذجية"، وهو قسمٌ من تجربته شبه مجهول لدى الجمهور الكبير، حيث تكاد روايته الأبرز، "دون كيخوته"، تغطّي على بقية إنتاجه. تتناول الرواية، كما يشير الناشران، مسألة "العلاقات المستحيلة والفوارق الطبقية والنهايات السعيدة".
يُعَدّ بول سينياك (1863 ـ 1935) واحداً من أبرز التشكيليين الفرنسيين في الفترة ما بين نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ومن مؤسّسي ما سيُعرَف بـ"الانطباعية الجديدة"، إلى جانب صديقه جورج سورا. عن دار "غاليمار" و"متحف أورسيه" في باريس صدرت يومياته التي كتبها بين عامَي 1894 و1909، بتحرير الناقدة شارلوت هيلمان. بخلاف عدد من مجايليه، الذين تتمحور يومياتهم حول الفن بشكل أساسي، يجمع سينياك في كتاباته هذه بين تعليقاتٍ على الأوضاع السياسية التي عاصرها في فرنسا، وبين ملاحظاته ورؤاه الفنية.
عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، صدر حديثاً كتاب "المرأة والفن والإعلام: من التنميط إلى التغيير" من تحرير وتنسيق نيفين مسعد. يتناول العمل بعض الصور المتداوَلة عن المرأة العربية في الثقافة والإعلام، ليخلص إلى أنّ أكثر هذه الصور له محتوى سلبي، وأنَّ كثيراً من الأعمال الأدبية والفنّية العربية التي يُنظَر إليها بوصفها مناصِرةً للمرأة، تُكرِّس الصورَ النمطية السلبية عنها. يضمُّ الكتاب، الذي أُنتج ضمن مشروع بحثي لـ"منظّمة المرأة العربية"، ثلاثة عشر بحثاً أعدّها باحثون من مصر ولبنان وتونس وليبيا وعُمان.
"منظّمة التحرير الفلسطينية: من كيانية التحرير إلى إستراتيجية التسوية والاعتراف بـ'إسرائيل' (1989 - 1964)" عنوان كتابٍ جديد للباحث الفلسطيني عليان عليان صدر حديثاً عن "الآن ناشرون وموزعون". من خلال استعراضه محطّات التّسوية حتى عام 1989، يتناول الكتاب انتقال "منظّمة التحرير" من استراتيجيّة التحرير التي وضعتها عام 1964، إلى التسوية، مؤكّداً أنّ اتّفاقيات أوسلو عام 1993 كانت نتيجة طبيعية لهذا المسار، ولم تكنْ نتيجةً للأوضاع التي آلَتْ إليها الأمور في العراق بعد عدوان 1991، أو نتيجةً لانهيار الاتحاد السوفييتي.
صدر حديثاً عن "دار الشروق" كتاب "إبراهيم ناجي.. زيارة حميمة تأخّرت كثيراً". وفيه تقتفي أستاذة الأدب العربي، سامية محرز، أثر جدّها من أمّها الذي رحل قبل سنتَين من ميلادها. من خلال العديد من الصور الفوتوغرافية والوثائق والمخطوطات والمراسلات بخطّ يده، يُضيء العملُ على جوانب غير معروفة من سيرة الشاعر المصري (1898م - 1953)؛ مثل مُلهمته التي كان يذكُرها في مخطوطاته بالأحرُف الأولى من اسمها، وكيف أصبح مشهوراً بعد عشر سنوات من رحيله، والفرق بين النسختَين المكتوبة والمغنّاة من قصيدته "الأطلال"، ومؤلّفاته في الطبّ وعلم النفس.