في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين اليوميات والسيرة الذاتية والدراسات الفكرية والسياسية والتاريخية والمسرح والأسطورة.
■ ■
يقدّم "كتاب "يوميات عارف العارف: في إمارة شرق الأردن"، الصادر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، بتحقيق ودراسة المؤرخ علي محافظة والباحث مهند مبيضين، أوراق العارف الذي عمل سكرتيراً عامّاً لحكومة شرق الأردن. يصف العارف آلية اتخاذ القرارات في ظل الانتداب البريطاني، ويحلل وينقد قضايا تتعلّق بنشأة الحركة الوطنية الأردنية، وتأسيس الأحزاب السياسية الأولى، وتوقيع المعاهدة الأردنية - البريطانية في شباط/ فبراير 1928، وعقد المؤتمر الوطني الأردني الأول، والحَراك السياسي والشعبي في إثرها.
في كتابه "دوستويفسكي في الحب: حياة حميمة"، الصادر حديثاً عن "منشورات بلومزبيري كونتينيوم"، يقدّم ألكيس كريستوفي بُعداً جديداً من سيرة الروائي الروسي (1821-1881)، بدءاً من منفاه في سيبيريا وصولاً إلى قاعات لعب القمار في أوروبا؛ من أيام انتمائه إلى المنظّمات اليسارية الراديكالية وحتى تسيّده الصالونات الثقافية في سان بطرسبرغ. ويروي قصص ثلاث نساء تشابكت علاقته العاطفية بكلّ واحدة منهن في حياته وكتاباته: الأرملة ماريا، وبولينا التي كانت تخطّط لاغتيال القيصر، والكاتبة آنا التي عملت للحفاظ على إرثه الأدبي.
عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر"، يصدر قريباً في جزأين كتاب "الكيانات الوظيفيّة، حدود الممارسة السياسية في المنطقة العربية ما بعد الاستعمار" للكاتب الأردني هشام البستاني. يقارب المؤلّف في الجزء الأول الفرق بين الدولة والكيان الوظيفي من حيث الجذور والهوية والتبعية، ويقدّم في الثاني رؤيته حول الأزمة التاريخية في مواجهة السلطة، والتيارات السياسية وآليات استدامة السيطرة، ويوضّح أفكاره حول تثبيت الدول الوظيفية حدودها "الوطنية" باعتبارها نهائية، ووجودها باعتباره تاريخياً قديماً، قبل اجتراح هوية وطنية.
صدر أخيراً كتاب "مقدّمة في علم الكلام الجديد" ("دار التنوير" و"مركز دراسات فلسفة الدين" في بغداد) للباحث العراقي عبد الجبار الرفاعي، الذي كتب في مقدّمته: "انشغلتُ سنوات طويلة في علم الكلام الجديد، وقرأت وسمعت البلبلة والغموض والتشويش والالتباس في تعريفه، وتحديد مفهومه وموضوعه وأركانه ومرتكزاته، فأدركت الحاجة الماسة لتأليف مقدمة تحدد الإطار العام لهذا العلم، وتضع المعيار الذي يمكن اعتماده في تصنيف هوية المتكلم والكلام الجديد، وتوفّر للباحثين خارطة طريق ترسم المعالم الأساسية للكلام الجديد".
بترجمة أريانا توندي، تصدر قريباً الطبعة الإيطالية من رواية "يوم الدين" للكاتبة اللبنانية رشا الأمير عن دار "نافي دي تساو". صدرت الرواية لأول مرة في 2002، ولفتت الأنظار بمقترحها اللغوي المختلف. وقد سبق للرواية أن وصلت إلى لغات أُخرى كالإنكليزية حين نقلها المترجم البريطاني جوناثان رايت، وإلى الفرنسية بترجمة الأنثروبولوجي التونسي يوسف الصدّيق، كما بلغت ستّ طبعات بالعربية. من مؤلّفات الكاتبة والناشرة اللبنانية الأُخرى: "كتاب الهمزة"، و"في قبرٍ في مكان مزدحم"، و"عود الريحاني إلى العربية"، و"البلد الصغير".
عن منشورات "كونتراست" في تونس، صدر حديثاً كتاب باللغة الفرنسية يحمل عنوان "النهاية المأساوية للمسرح: ملاحظات محجور" للمسرحيّ التونسي الأسعد بن عبد الله. العمل عبارة عن شهادة موسّعة حول البيئة المسرحية التي احتكّ بها المخرج والممثّل التونسي، فيجمع بين الجانبين التوثيقي والتأمّلي. يتوقّف بن عبد الله عند انعكاسات الجائحة العالمية على الفن الرابع؛ حيث يرى أن البدائل التي تقدّمها التكنولوجيا اليوم تمثّل في حدّ ذاتها خطراً على المسرح؛ إذ تقصي جوهره الإبداعي بوضع وسيط تقني بين المؤدّين والمتفرّجين.
"أبو القاسم الزهراوي: عميد الجرّاحين" عنوان كتاب للباحث الأردني طارق الجابري صدر حديثاً عن "دار البيروني". يُقدّم العملُ إضاءةً على حياة الطبيب الأندلسي الذي يُعرف بـ "أبي الجراحة الحديثة" وللواقع العلمي والسياسي في الفترة التي عاش فيها (القرن الحادي عشر الميلادي)، مُضيئاً، مِن منظور العلم الحديث، على إنجازاته وابتكاراته في المجالات الطبية والعلمية، واختراعاته التي ما زالت مستخدمَةً حتى يومنا، إلى جانب مؤلّفاته، ومِن بينها موسوعته الطبية "التصريف لمن عجز عن التأليف" التي ألّفها على مدار نصف قرن.
عن "منشورات تكوين" و"دار الرافدين"، صدر كتابٌ بعنوان "الديانة المصرية" للباحث العراقي خزعل الماجدي، يُضيء فيه على المكوّنات الأساسية للديانة المصرية القديمة؛ متمثّلةً بالمعتقدات والأساطير والطقوس والأخرويات؛ والثانوية، متمثّلةً بالأخلاق والشرائع والسرديات المقدّسة والجماعة والطوائف والباطنيات والأسرار. يتضمّن الكتابُ صوراً ورموزاً وجداول، إلى جانب مقدّمة يُضيء فيها الماجدي على تاريخ وتطوُّر الديانة المصرية منذ ما قبل التاريخ، ثم تكوّنها ونضجها في العصور القديمة التي امتدت لقرابة ثلاثة آلاف عام.
بترجمة زينب محمد عبد الحميد، صدرت حديثاً عن "مكتبة المتنبّي" النسخة العربية مِن كتاب "جوزيف فوشيه: سيرةُ سياسي" للكاتب النمساوي ستيفان زفايغ. العملُ سيرةٌ أدبية تُضيء على حياة السياسي الفرنسيِّ (1759 - 1820) الذي تولّى مسؤولياتٍ مختلفة في عدّة حكومات في بلاده وارتبط اسمه بالعنف الذي قَمع به تمرُّد ليون عام 1793. عبر تسعة فصول، يستعرض زفايغ مسارَ فوشيه بوصفه "رجُل ظل" تمكّن بفضّل تلوُّنه وعدم انتمائه مِن الصعود في سلّم الحياة السياسة، متوقّفاً عند الأدوار التي لعبها فيها إلى غاية سقوطه ثمّ رحيله.
"قبل النهاية" عنوان مذكرات إرنستو ساباتو الصادرة أخيراً لدى منشورات "مدارك"، بترجمة حسني مليطات. يعرض الكاتب الأرجنتيني (1911 - 2011) محطة من محطات حياته في كل واحد من الفصول، ويستغلّ كل واحدة من هذه الحكايات ليقدّم تأملاً فلسفياً في مسألة معينة، كالتقدّم والتاريخ والزمن والموت والفقد والأرض التي نعيش عليها. رغم التشاؤم البادي في صفحات الكتاب للوهلة الأولى، تتضمن مذكرات ساباتو مواد أولية للأمل، يقدّمها صاحب "النفق" كشهادةٍ وكدرس أخلاقي إلى الأجيال اللاحقة، التي يتوجّه إليها نصُّه بشكل أساسي.
عن دار "أثر" صدرت أخيراً رواية "كل الحيوانات الصغيرة" للكاتب الاسكتلندي ووكر هاميلتون وبترجمة شوقي برنوصي. يروي العمل، الذي يُصنَّف كـ"نوفيلّا" أو رواية قصيرة، حكاية بوبي، الشاب البالغ من العمر واحداً وثلاثين عاماً، لكن المتوقّف عقلياً عند مرحلة ما من طفولته، بسبب صدمة أصابته. تتمحور الرواية حول هروب بوبي من تسلّط وعنف زوج أمّه. في طريقه، يلتقي بـ سوميرز، العجوز الهارب من العدالة، والذي يمارس مهنةً نادرة: دفن الحيوانات الصغيرة التي آذاها البشر. لقاء سيكون فاتحة لصداقةٍ ومغامرات غريبة هي الأخرى.