في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المُترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والأبحاث السياسية والفكرية، والرواية والترجمات الأدبية والعِلمية.
■ ■ ■
"المقالة وأُدباؤها في الأدب العربي الحديث"، عنوان كتاب الباحث العراقي سعيد عدنان، الصادر عن "المركز الأكاديمي للأبحاث". يتناول العمل نشأة هذا اللون الكتابي، وكيف كانت المقالة عنوان النثر مطلعَ القرن العشرين؛ يكتبُها أعلامُ الطبقة الأولى في الأدب. كما يُضيء الكتاب مسيرة "مجلّة الرسالة" التي أنشأها أحمد حسن الزيّات عام 1933، وكيف أثّر احتجابُها عام 1953 على مقوّمات وركائز هذا الفنّ. للباحث أعمالٌ أُخرى في ذات السياق، منها: "الاتجاهات الفلسفيّة في النقد الأدبي عند العرب"، و"علي جواد الطاهر: الناقد المقالي".
صدر حديثاً كتاب "من الغزو إلى المستعمرة: الإمبراطورية والثروة والاختلاف في البرازيل في القرن الثامن عشر" للباحثة كيرستن شولتز عن "منشورات جامعة ييل". يعتمد الكتاب على السجلات الأرشيفية للإدارات المحلّية في البرازيل، التي غزتها البرتغال في سياق رحلاتها الاستكشافية عن الذهب ضمن حالة التنافس مع إسبانيا، ورافقت ذلك حملات تبشيرية، وشعارات تدّعي حماية البلد الأكبر في أميركا اللاتينية، لكنها أعادت توزيع الثروات بما يضمن هيمنة البرتغاليين على حساب السكّان الأصليين وذوي الأصول الأفريقية، وبما يُرسّم طبيعة العلاقات بينهم.
لعالِم النفس السويسري كارل غوستاف يونغ (1875 - 1961)، صدرت عن "دار الحوار"، الطبعة العربية من عمَله "عِلم النفس والظواهر الخفيّة"، بتوقيع المُترجِمة حلا ميّا. يُحاول الكتاب إثبات أنّ لعِلم النفس الحديث علاقةً بظواهره فقط، ولا يُعنى أبداً بالطبائع الميتافيزيقية، ومن جملتها فكرة الخلود، وأنّ كلّ الأفكار الأسطورية كانت واقعية في أساسها، وأقدم بكثير من أيِّ فلسفة، وهي في الأصل تصوّرات وخبرات مثل معرفتنا للطبيعة الفيزيائية. ومن الأفكار التي يُناقشها الكتاب أيضاً مسألة الحرّية، فهي ليست فكرة مجرّدة، بل عاطفة كذلك.
عن "نماء للبحوث والدراسات"، صدرت الترجمة العربية من كتاب "محمد عبده: الإسلام الحديث وثقافة الالتباس" لأوليفر شاربروت، وأنجزها المُترجِم طارق غانم. ينطلق الكتاب من فرضية أنّ عبده (1849 - 1905) يُعدّ من أكثر الشخصيات بحثاً في الفكر الإسلامي الحديث، إلّا أنّ جُلّ الدراسات عنه تُركِّز على إنتاجه الفكري في مراحل متأخّرة من حياته، وتتجاهَل أعماله السابقة. ويخلُص الباحث في مخرجات كتابه إلى إثبات انخراط صاحب "العروة الوثقى"، المُركّب بالتقاليد الفكرية الإسلامية، بما يستوعب ذلك من فوارق متباينة ضمن اجتهاده الإصلاحي.
"حياة تستحقّ أن تعاش: ألبير كامو والبحث عن المعنى" عنوان النسخة العربية من كتاب المؤرّخ الفرنسي روبرت زارتسكي، الذي صدر عن "دار سطور" بترجمة إبراهيم قيس جركس. يضيء المؤلّف موقف كامو حول دور الكاتب في مقاومة الظُّلم من خلال دراسة مفاهيم محدّدة في كتاباته، مثل العبث، والصمت، والتمرّد، والإخلاص، انطلاقاً من السنة الفاصلة في حياته؛ عام 1942، حين طُرد من مسقط رأسه في الجزائر وانهارت بلادُه في الحرب العالمية الثانية، وانتشار مرض السلّ في كامل رئتيه ما جعله يشعر باقتراب الموت، وهي عوامل أساسية لفهمه معنى الوجود.
صحيحٌ أنّ العمارة فنّ مستقلّ، إلّا أنَّها تتضمّن، أيضاً، بُعداً إدراكياً ومرئياً قابلاً للاستهلاك، فنحن نقرأ الفضاءات المَبنية بعيوننا، وهذا يعني أنها تقترن بالفوتوغراف. أمَّا إذا كان للفضاء المبني وجودٌ ثانٍ مستقلّ في صُوره التي تتحدّث لغة بعيدة عن الواقع المادّي، فهذا يعني أنه علينا التفكير في العلاقات المُعقّدة بين المجالَين. في كتاب "الفوتوغراف والعمارة"، الصادر عن دار "تورنير" الإسبانية، يُحاول الكاتب الإسباني إنياكي بيرغيرا تحليل وجهات النظر التي يُقدّمها التصوير الفوتوغرافي عن العمارة، وكيف يجرى فهمها.
عن "دار الساقي"، صدرت ترجمة عربية لكتاب "الأصول البشرية: تاريخ موجز" للأنثروبولوجي الفرنسي أنطوان بالزو، بتوقيع جلال بدلة. نُشر الكتاب في نسخته الفرنسية العام الماضي، وفيه يَعتبر المؤلّف المتخصّص في علوم الإحاثة أنّ هناك قِطَعاً مفقودة في أحجية الأصول البشرية، وهو ما يجعل من رحلة البحث عن الإنسان الأوّل مستمرّةً؛ حيث لا يمرّ عام واحد من دون اكتشاف أنّ "لوسي" ليست أقدم أسلاف البشر. بناءً على ذلك، يُقيّم بالزو الاكتشافات الحديثة، في محاولةٍ للتعرّف، من خلال دراسة البيئات وأنماط الحياة، على سلوك البشر الأوائل.
عن "منشورات ون وورلد"، صدر كتاب "ثلاثة عوالم: مذكّرات عربي يهودي" للمؤرّخ أفي شلايم. يتحدّث الكتاب عن فقدان المؤلّف هويّته بعد هجرة عائلته من بغداد إلى فلسطين المحتلّة عام 1950، حيث لا يزال يُعرّف نفسه بأنه عربي عراقيّ يهودي، وكيف تعرّضت العائلة إلى تراجُع في مكانتها الاجتماعية بعد هجرتها، حيث لم تتمكّن من الاندماج في المجتمع الاستعماري الجديد. كما يُفنّد ادعاءات الكيان الإسرائيلي حول غياب التسامح واحترام ثقافة الآخَر داخل المجتمعات العربية، ويناقش تاريخ العنف والإرهاب اللذين تمارسهما "إسرائيل" ضدّ الفلسطينيين والعرب.
بترجمة محمد أمين جميل الشامي، صدر عن "دار سنان" كتاب "صناعة الرجولة: مفاهيم ثقافية عن الذكورة" للأكاديمي الأميركي ديفيد دي غيلمور. في هذا العمل الصادر بالإنكليزية عام 1991 عن "منشورات جامعة ييل"، يتناول أستاذ الأنثروبولوجيا في "جامعة ستوني بروك" المفاهيم التي يَبني عليها أبناء الثقافات المختلفة مواقفهم من الرجولة، ويختبرونها من خلالها، مُستعرضاً الأسباب التي تدفع الناس في مناطق مختلفة من العالَم إلى اعتبار أنّ مفهوم "الرجُل الحقيقي" أو "الرجُل الرجُل" يفتقد إلى اليقين أو أنّه موضع شك، وأنّه يُكتَسب بالقوّة.
بتحرير الكاتب سيد الوكيل، صدر عن "ميتا بوك للنشر والتوزيع" كتابٌ لمجموعة من المؤلّفين المِصريّين بعنوان "بهاء طاهر: المُلتزِم بِرِفق"، وفيه محاولة لفهم المسافة بين فنَّي الرواية والقصة القصيرة، وطريقة كتابة كلٍّ من هذين الجنسين الأدبيين، من خلال الإضاءة على تجربة الروائي المصري (1935 -2022). من الدراسات التي تضمّنها الكتاب: "مستويات القراءة في 'واحة الغروب'" لمصطفى الضبع، و"'واحة الغروب': اكتشاف في الذات والموت" لممدوح فراج النابي، و"شعرية البداوة في رواية 'الحب في المنفى'" لمحمد عبد الحليم غنيم.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
