في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دُور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية، ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات التاريخية والأبحاث السياسية والفكرية، والرواية والترجمات الأدبية والعِلمية.
■ ■ ■
"طرائق دراسة التاريخ البشري: التطوُّر الثقافي والاجتماعي والبيولوجي" عنوان كتاب للمؤرّخ الأميركي باتريك مانينغ، صدرت نسخته العربية عن "مؤسّسة ميسلون"، بتوقيع لُبانة علي الجندي. من أجل تقديم مسح شامل حول الأساليب والمناهج المستخدَمة في دراسة التطوُّر البشري والاجتماعي، يجمع المؤلّف بين العديد من الحقول التي يقدّم عرضاً لتطوُّرها وإنجازاتها خلال القرنَين الماضيين، من الأنثروبولوجيا إلى العلوم اللغوية التطوُّرية، ومن علم الأحياء إلى دراسات التواصل والأعصاب وغيرها، ممّا يتيح فهم "النظام البشري في عصر العولمة".
"أفريقيا القديمة: تاريخ عالمي، حتى 300 م" عنوان كتاب للباحث كريستوفر إريت، صدر عن "منشورات جامعة برينستون". يتتبّع العمل، من خلال الأدلّة الأثرية واللغوية، كيف لعبت القارّة الأفريقية دوراً مهمّاً في التحوّلات التكنولوجية والزراعية والاقتصادية للحضارة العالمية، من نهاية العصر الجليدي الأخير منذ حوالي عشرة آلاف عام، عندما سمح المناخ المتغيّر بالانتقال من الصيد إلى زراعة المحاصيل وتربية الماشية، إلى ظهور الممالك والإمبراطوريات في القرون الأُولى بعد الميلاد، ودَور الأفارقة في صناعة الخزف وحياكة القطن وصهر الحديد.
"المقامة البخشيشية: مقامة أدبية فريدة في النقد الاجتماعي" عنوان كتاب لأحمد فارس الشدياق، حقّقه الباحث محمد الدروبي، وصدر عن "دار خطوط وظلال". تُعدّ هذه المقامة علامةً فارقة في كتابات الأديب والمُصلِح اللبناني (1904 - 1887)، لكونه عملاً مميَّزاً وأصيلاً، فضلاً عمّا احتوته من قيمة نقدية لمظاهر اجتماعية مختلفة. وحسب الباحث، فإنّه كان مأمولاً من الشدياق التقدّم أكثر في هذا الفنّ خلال القرن التاسع عشر، لولا أنه توقّف عن الكتابة فيه. مع ذلك، فإليه يعود الفضل في وضع التقسيمات الأُولى للقصّة كما هي عليه اليوم.
لامعٌ، موهوبٌ، وعمره قصير، لكنّه غزيرُ الإنتاج. هذه أبرز صفات فرانز شوبرت (1797 - 1828)؛ أحدِ أكثر الشخصيات إثارةً للاهتمام في تاريخ الموسيقى. وعلى الرغم من أنّ موسيقاه لا تزال تجذب جمهوراً عريضاً، إلّا أن الكثير من تفاصيل حياته الخاصّة لا يزال يكتنفها الغموض. في السيرة الصادرة عن "منشورات جامعة ييل" بعنوان "شوبرت: الموسيقي الجوّال"، تُلقي الباحثة لورين بيرن بودلي نظرةً تفصيلية على حياة الموسيقار الألماني، من سنواته الأُولى إلى معركته مع مرض الزهري، والتي أدّت إلى رحيله عن عالمنا في سنّ الحادية والثلاثين.
"ساعة في جيب الملك" عنوان رواية جديدة للكاتبة العراقية ميسلون هادي، صدرت عن "منشورات وتر". تناولَت العديدُ من الأطروحات والدراسات مقتل العائلة المالكة في العراق من وجهة نظر بحثية أو توثيقية أو أكاديمية، بينما تعود هذه الروايةُ إلى ذلك الحدث التراجيدي من زاوية أُخرى، تقترب فيها من التفاصيل والمشاعر التي عاشها الملك الشاب فيصل الثاني قبل مقتله وعائلته فجر الرابع عشر من تمّوز/ يوليو 1958، ليكون ذلك نهاية العهد الملكي في البلاد. صدرت لهادي قرابة 25 كتاباً بين الرواية والقصّة، بالإضافة إلى كُتب في الترجمة وأدب الطفل.
يعدُّ الكاتب الأروغواياني ماريو ديلغادو أبارين، أحد أبرز كتّاب أميركا اللاتينية في الآونة الأخيرة. في كتابه "آخر مسافري العدم"، الصادر عن دار "إيسباسا" الإسبانية، يروي لنا تفاصيل قصّة بدأت منذ ما يقرب ثلاثمئة عام في حانة قديمة على طول ساحل كانتابريا في إسبانيا، وتنتهي على ضفاف نهر ريو دي لا بلاتا في الأرجنتين. إنها مغامرة الباسكي برنابي ألكورتا، الذي عبرَ المحيط وانتهى به المطاف في مونتيفيديو المضطربة، حيث عاش في صدمات الغزوات الإنكليزية وشهد انتصار ثورة مايو. كان عليه أن يختار بين الولاء للقائد المحرّر أو البقاء مخلصاً لوطنه وملكه.
عن "المركز القومي للترجمة" في القاهرة، تصدر هذه الأيام النسخة العربية من كتاب الباحث الكازاخي صالقينباييف مُحيط، "علاقات الأدب القازاقي والعربي"، بترجمةٍ اشترك فيها المؤلّف مع المترجم المصري أبو الفتوح صبري. يتناول العملُ تأثير الأدب العربي وخصائصه على كتّاب كازاخستان خلال القرن العشرين، سواء في الموضوعات أو في الأساليب، بما في ذلك من تراكيب وبلاغة وصور فنّية، كما يتوقّف عند بعض الترجمات الكازاخية عن العربية، ولا سيّما لأعمال كلاسيكية مثل "ألف ليلة وليلة" و"كليلة ودمنة".
لعالم الاجتماع بيير بورديو، صدر عن "منشورات جامعة ليون" كتاب "علم الاجتماع والديمقراطية"، وهو تدوينٌ لمحاضرة ألقاها الباحث الفرنسي (1930 - 2002) في "المدرسة العليا للتجارة" بباريس عام 1995. يشكّل النصّ مدخلاً لأعمال بورديو، حيث يلخّص فيه أطروحاته حول "الوهم الديمقراطي" الذي يدّعي أنّ جميع أفراد المجتمع متساوون في اختيار السياسات التي تحكمهم، ويُذكِّر فيه بنقده لـ"طغيان الخبراء" في السياسة ووسائل الإعلام، وكذلك بـ"دكتاتورية الرأي العام" الذي يمكن التحكّم به من خلال استطلاعات الرأي أو التلاعب الإعلامي.
"حياة إيغون الأُخرى" عنوان رواية للكاتبة الإسبانية بيلار غوميث رودريغث، صدرت ترجمتُها بتوقيع ميسون شقير عن "دار الرافدين". تتحدث الرواية عن سيرة الرسّام النمساوي إيغون شيلي (1890 - 1918)، والذي أُسيئ فهمُه بسبب تصوّراته المغايرة للمجتمع والرؤية الفنّية حينها. تعرّفنا الرواية أيضاً على امرأة من فيينا تُدعى إلغا غراوميستر، والتي ستكون انعكاساً للفنّان بشكل أو بآخر. من أجواء الرواية نقرأ: "أريد أن أشرح نفسي بدونها على الورق، وعلى القماش، هذا ما أريده، أن أتكلّم بدون كلام، أن يفهمني الآخرون، بنظرة بمشهد، بدون تفسير".
في كتابهم "الإسلاميون في الأردن: الدين والدولة والمجتمع"، الذي صدر عن "مؤسّسة فريدريش أيبرت"، يُقدّم الباحثون محمّد أبو رمان وحسن أبو هنية وعبد الله الطائي تحليلاً لمفهوم الإسلام السياسي، ونقاشاً لفرضيات سادت في الدراسات حوله، ومنها العلاقة بين السياسات شبه السلطوية والأيديولوجيا الإسلامية، ومقاربة الاعتدال والإدماج والإقصاء والتطرّف، من خلال التركيز على الحالة الأردنية، عبر تحليل علاقة الحركات الإسلامية مع الدولة، والانشقاقات في داخل هذه الحركات بعد الربيع العربي، وتحوّلات السلفية والتيارات الجهادية.
بترجمة فهد العبود، صدر عن "دار نينوى" كتابٌ بعنوان "مختارات من القصّة البولندية"، يضمّ مجموعة قصص قصيرة لكتّاب معاصرين من بولندا؛ من بينهم: أولغا توكارتشوك، وآندجي بيليبيوك، ومارك هواسكو. يشير المترجم، في تقديمه للعمل، إلى أنّ ما يُميّز القصّة البولندية هو الوقت القصير للحدث الذي عادةً ما يرتكز حول حادثة واحدة، والسردُ المكثَّف الذي يأخذ على عاتقه إثارة خيال القارئ واستدعاء انتباهه، أمّا موضوعاتها فتتراوح غالباً بين النفس والتفكير والعاطفة البشرية، والتقاليد والتاريخ والحياة اليومية والمجتمع والسياسة، والدين والحياة الروحية.