في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الرواية والسيرة الذاتية والدراسات السياسية والفكرية والتاريخية وعلم الاجتماع.
■ ■ ■
في كتابه "تيّارات فكرية معاصرة من أجل التنمية العربية"، الصادر حديثاً عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، يضيء الباحث اللبناني ألبير داغر أفكارَ تياراتٍ ثلاثة معاصرة، هي: تيّار المؤسّساتية المقارنة، وتيّار ما بعد الكينزية، وتيّار البنيوية الجديدة. ويقدّم عرضاً للأدبيات المتداولة في الاقتصاد السياسي بشأن الدولة العربية، ويستدلّ بالسياسات البديلة في ميدان التنمية كما أوحت بها التجربة الآسيوية، وهي التجربة الوحيدة التي أتاحت للبلدان التي اعتمدتها الخروجَ من التخلّف وتحقيق "تصنيعها المتأخّر".
بمناسبة مئوية المستشرق اليوغسلافي حسن كلشي (1922 ـ 1976)، صدر عن دار "ديّا" في بريشتينا المجلّد الثامن من أعماله المختارة بعدّة لغات. وبينما صدر المجلّد الرابع بالعربية، يأتي الثامن بالألبانية، من إعداد محمد موفاكو، وهو يضم مختارات من دراساته وترجماته عن الأدب العربي، لتشكّل في مجموعها مرجعاً وقّعه أحد أفضل العارفين بالأدب العربي في يوغسلافيا السابقة، والذي ألهم جيلاً جديداً من الباحثين (فتحي مهديو وأسعد دوراكوفيتش ومحمد موفاكو...). يُذكر أن كلشي انتُخب عام 1967 عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
"المغيّبات: النساء والمدن الفلسطينية حتى سنة 1948" عنوان كتاب الباحثة المتخصّصة بعلم الاجتماع الحضري منار حسن، الذي صدر عن "مؤسّسة الدراسات الفلسطينية" بترجمة علاء حليحل. يتناول الكتاب المجتمع الفلسطيني عشية النكبة، حيث عاش عملية تمدْيُن، وكان بين 35% و40% من مجموع الفلسطينيين يسكنون في المدن، فتوسّعت الأماكن الحضرية وكذلك المحتوى الحضري بصورة كبيرة، وأخذت الروابط والعلاقات الاجتماعية الجديدة بالنموّ والتشكل، جنباً إلى جنب مع نموّ ظواهر ثقافية لم تكن معروفة من قبل، في القدس ويافا وحيفا وغيرها.
عن "المؤسّسة العربية للدراسات والنشر"، صدر حديثاً كتاب "الطيّب صالح: حوارات ومتابعات في الفكر والثقافة والإبداع" للباحث محمّد شاهين. يضمّ الكتاب مجموعةً من المقابلات والتحليلات النقدية حول تجربة الروائي السوداني (1929 ــ 2009)، حيث يقع القارئ على مجموعة من المباحث حول أعماله، وسيرته الشخصية، والتقاطعات (أو اللا تقاطعات) بينها وبين سيَر شخصياته، ولا سيّما مصطفى سعيد، بطل "موسم الهجرة إلى الشمال" (1966)، الذي يقول الطيب صالح في أحد اللقاءات إن شخصيته وبُنيتها النفسية هما نتاجُ الاستعمار وتداعياته.
صدر حديثاً كتاب "تشيخوف يصبح تشيخوف: ظهور عبقرية أدبية" للباحث البريطاني بوب بلايسديل عن "منشورات بيغاسوس". يعود المؤلّف إلى عاميْ 1886 و1887، عندما كان الكاتب الروسي (1860 - 1904) متعباً من رؤية المرضى ومحاربة الأوبئة خلال ممارسته نهاراً بمهنة الطب، لكنه كتب في تلك الفترة قصصاً أكثر ممّا ألف في بقية حياته القصيرة، واستطاع أن ينشر وهو في السابعة والعشرين مجموعة بعنوان "في الشفق" نالت "جائزة بوشكين"، وأن يضمن مكانته الأدبية في روسيا، و حتى العالم، حيث غيّرت نصوصه تقنيات وأساليب السرد السائدة في زمنه.
"المهمّشون في مصر: في عصر سلاطين المماليك 1250 - 1517"، عنوان كتاب صادر حديثاً للباحثة هالة السيد عبد العال، عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب". تتناول المؤلّفة شرائحَ مختلفة بدأت تظهر في المجتمع المصري نتيجة السياسات الاقتصادية والعسكرية التي فرضها المماليك، إبّان فترة حُكمهم من القرن الثالث عشر وحتى مطالع السادس عشر. ومن بين هذه الفئات: "الحرافيش"، و"الزهار"، و"الأوباش"، وغيرها من التسميات التي تعبّر عن انعكاسات شعبية أو "قاعدية"، وتذهب بالتأريخ للمماليك بعيداً عن التعلُّق بسيَر السلاطين والحكّام.
"الشبيه" عنوان رواية للكاتب البرتغالي، حائز "نوبل للأدب" (1998)، جوزيه ساراماغو، صدرت ترجمتها عن "دار الجمل" بتوقيع سعيد بنعبد الواحد. من أجواء الرواية نقرأ: "الحديث عن الماضي هو من أسهل ما يُمكنُ فعله، كلّ شيء مكتوب، يكفي أن نكرّر، أن نتكلّم كالببغاوات، نتأكّد من خلال الكتب ممّا يكتبه التلاميذ في التمارين أو ما يقولونه في الاختبارات الشفوية، بينما نحن نتحدّث عن حاضر ينفجر في وجوهنا في كلّ دقيقة، نتحدّث عنه في كل يوم من أيام السنة، ونبحر في نهر التاريخ باتجاه العالية حتى المنبع، أو بالقرب منه".
عن منشورات "أطلس"، تصدر هذه الأيام النسخة العربية من كتاب "إلغاء الديمقراطية البيضاء" للأكاديمي والناشط الأميركي جويل أولسون، بترجمة عبد الله فاضل. يدرس المؤلّف العلاقة بين العبودية واللامساواة والديمقراطية في الولايات المتّحدة، حيث يرى أن المواطَنة الأميركية تعني مساواةً في الحقوق بين البِيض من الأميركيين فحسب، في حين يأتي بقية المواطنين، ولا سيّما السود، في مرتبة ثانوية. ويتساءل أولسون عن الكيفية التي تتعايش فيها الديمقراطية مع العبودية، مقترحاً نظرية لإلغاء هذا النوع من الديمقراطية البيضاء.
"اختراع المستهلِك: تاريخ للمجتمع التجاري" عنوان كتاب للباحث أنطوني غالوزو، صدر حديثاً بالفرنسية عن منشورات "لا ديكوفرت" في باريس. يدرس الكتاب تاريخَ تبنّي العديد من المجتمعات حول العالَم للعقلية الاستهلاكية، بعد أن كانت أغلب هذه المجتمعات تعيش من الزراعة ومن كفافها اليومي حتى مطلع القرن التاسع عشر. ويشرح الكاتب كيف لعب أهل المدن وأصحاب الطبقات العُليا دوراً أساسياً في هذا التحوُّل، ويحلّل دور الإعلانات، والاستثمار الكبير في إعطاء بعض الماركات قيمةً تُعادل أضعاف قيمة صناعة المنتجات التي تصنعها.
تابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
