في زاوية "إصدارات.. نظرة أولى" نقف على آخر ما تصدره أبرز دور النشر والجامعات ومراكز الدراسات في العالم العربي وبعض اللغات الأجنبية ضمن مجالات متعدّدة تتنوّع بين الفكر والأدب والتاريخ، ومنفتحة على جميع الأجناس، سواء الصادرة بالعربية أو المترجمة إليها.
هي تناولٌ أوّل لإصدارات نقترحها على القارئ العربي بعيداً عن دعاية الناشرين أو توجيهات النقّاد. قراءة أولى تمنح مفاتيح للعبور إلى النصوص.
مختارات هذا الأسبوع تتوزّع بين الدراسات القانونية والفكرية والأنثروبولوجية والفلسفية والنقدية والسيرة الذاتية والرواية.
■ ■ ■
في كتابه "تحقيق العدالة الجنائية الدولية: دراسة في نطاق القضاء الوطني"، الذي صدر عن "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات"، يسعى الباحث العراقي محمد عدنان علي الزبر إلى إعادة صوغ مفهوم العدالة بتعريفها وذكر خصائصها، ودراسة نطاقيها الشخصي والموضوعي، وتأكيد الدور الذي يمارسه القضاء الوطني في تحقيقها تطبيقاً وتعزيزاً، مستعرضاً نشأة العدالة الجنائية الدولية ووجودها؛ حيث أسهمت الحضارات الإنسانية على اختلاف أزمنتها في تكريس أفكارها الأولى قبل قوننتها، وكذلك مفهومها الذي قام على جملة مبادئ وأحكام متوافق عليها دولياً.
بترجمة ودراسة صلاح إسماعيل، تصدر قريباً، عن "المركز القومي للترجمة"، النسخة العربية من كتاب "نظرية المعرفة" لأستاذ الفلسفة الكوبي إرنست سوسا. تحتلّ "الفضيلة الفكرية" موقعاً أساسياً في تنظيرات المؤلّف الذي يعتقد بأنّ المعرفة اعتقاد حقيقي مأخوذ منها، وبالتالي تصبح المعرفة شكلاً من الإنجاز الفكري الذي يتوفّر عبرها الباحث على المصداقية والثقة، حيث يضيء في كتابه مشكلة المعرفة في الفلسفة الغربية، إذ تميل التفسيرات المعاصرة لنظرية المعرفة إلى التركيز على أسئلة محدودة تتعلّق بالعالم الخارجي والآخر والماضي والمستقبل.
"بيت موندريان: حياة" عنوان كتاب المؤرخ هانز جانسن الصادر عن "منشورات رادينغ هاوس". بعيداً عن الصورة السائدة حوله بوصفه شخصية منعزلة عن الأوساط الفنية، يستكشف الكتاب طفولة الفنان الهولندي (1872 - 1944) منذ أن حوّل غرفته إلى مرسم في الرابعة عشرة من عمره، ثم انتقل إلى أمستردام للدراسة في "أكاديمية ريكا" في فترة سادت خلالها الانطباعية والرمزية، حيث رسم عدداً من اللوحات أقرّ بأنّ مستواها ضعيف، قبل أن يُسهم في تأسيس تيار "دي ستايل" في العقد الثاني من القرن الماضي، متأثّراً بأفكار عدد من الفلاسفة والكتّاب الأوروبيّين.
بتوقيع المُترجم سعيد بنعبد الواحد صدرت عن "دار الخان" الترجمة العربية لرواية "وصيّة السيد نابُّوموسينو دا سيلفا أراوْجو" للروائي جيرمانو ألمايدا، والتي تعدّ نصّاً مؤسِّساً من نصوص الأدب الأفريقي المكتوب باللغة البرتغالية. يرسم الروائي عالمه من خلاله شخصيات تنتمي إلى مدينة منديلو وطبقات المجتمع المحلّي فيها، مُنجزاً ذلك بطريقة سرد تمَّحي فيها الحدود بين الواقع والخيال، كما يرصد بشكل ساخر ظواهرَ الجوع، والهجرة في الطبقات الشعبية من جهة، والفساد السياسي والأخلاقي الذي يهيمن على الطبقة السياسية والاقتصادية من جهة أُخرى.
"الفصل بين الدين والدولة في الإسلام المبكّر" عنوان كتاب المستشرق الأميركي أيرا م. لابيدوس الذي يصدر قريباً عن "مدارات للأبحاث والنشر" بترجمة أحمد محمود إبراهيم. يتألَّف العمل من ثلاث دراسات هي: "العصر الذهبي: المفاهيم السياسية للإسلام"، و"الدين والدولة في المجتمعات الإسلامية"، و"الفصل بين الدين والدولة في تطوّر المجتمع الإسلامي المبكّر". يُحقّق الباحث، من خلال فصول كتابه، في علاقة الدين بالدولة في الممارسة التاريخية عند المسلمين، والتطوّرات التي ألمّت بهذه العلاقة، كما يبحث في أثر هذه العلاقة في بناء الدولة القومية الحديثة.
بترجمة قاسم المقداد، صدرت عن "دار نينوى"، النسخة العربية من كتاب "رقصة الحياة: الزمن الثقافي والزمن المعيش" لعالِم الأنثروبولوجيا الأميركي إدوارد ت. هول. ينتمي العمل إلى سلسلة مؤلّفات هول التي حاول من خلالها فهم "الأبعاد المخفيّة" في الثقافات الإنسانية، ولا سيّما عبر مسألتَي المكان والزمان، حيث يدرس هنا ــ في أحد عشر فصلاً ــ الإخلاف في النظر إلى الزمن، مثلاً، بين المجتمعات الاسكندنافية (الزمن الخطّي) ومجتمعات الجنوب (الزمن الدائريّ)، كما يميّز بين الزمان المحدِّد للاجتماع (الثقافي) وزمان التجربة (المعيش).
"ما بعد الاستعمارية" عنوانُ كتاب للمؤرّخ الفرنسي نيكولا بانسل، صدر حديثاً في سلسلة "ما الذي أعرفه؟" التي تقوم عليها "منشورات فرنسا الجامعية". يسعى المؤلّف إلى غرضين: تعريف القارئ بحقل دراسات ما بعد الاستعمار، بتاريخه وتوجّهاته ونقاشاته، والقول، في الوقت نفسه، بضرورة هذا النوع من الدراسات التي تعود إلى الماضي الاستعماري لتفحّصه وتفكيك تأثيره المديد في الحياة المعاصرة. في أربعة أقسام، يتناول العمل ولادة ما بعد الاستعمارية كحقل دراسي، ويشير إلى مركزية نقد الغرب فيه، متوقّفاً عند العديد من الأمثلة البحثية وكيفية تحليلها للذات ما بعد الاستعمارية.
عن دارَيْ "تكوين" و"الرافدين"، صدرت طبعة ثانية من كتاب "الرغبة والفلسفة: مدخل إلى قراءة دُلوز وغوَتاري" للباحث والمترجم محمد آيت حنّا. يلتقط العمل مركزيّةَ مفهوم الرغبة في أعمال الثنائي الفرنسي، والتجديد الذي جاء به جيل دلوز وفيليكس غواتاري في هذا السياق، حيث دافعا عن أنّ المرء لا يرغب شخصاً أو شيئاً بحدّ ذاته، كما سبق للتحليل النفسي أن قال، بل يرغب مجموعاً أو سياقاً تترابط فيه مجموعة من العناصر. كما يشير المؤلّف إلى الدور السياسي الذي تلعبه الرغبة في تحليلاتهما، حيث تفترض الثورة المجتمعية ثورةً في الرغبات.
عن "لوغوس للنشر والتوزيع"، صدر للباحث التونسي مصطفى الكيلاني كتاب "محمود المسعدي: بين الإشراق الصوفي والألم الشوبنهاوري". يُقدّم العمل قراءة في تجربة الكاتب التونسي (1911 - 2004) الذي يرى المؤلِّف أنّ ما أُنجز من قراءات في أعماله، الإبداعية تحديداً، هو من قبيل التمهيد لقراءات جلُّها لم يتحقّق بعد. انطلاقاً من ذلك، يبحث الكتاب في المراجع الفاعلة في ثقافة الكتابة لدى المسعدي من عرفانية عربية إسلامية ومثالية غربية ألمانية وفرنسية وغيرها، معتبراً أنّ أدبية أعماله قائمة على التفلسف، لخوضها في قضايا الوجود الكبرى.
"الجنس الآخر" عنوان كتاب سيمون دو بوفوار الصادرةُ ترجمتُه في جزأين عن "دار ممدوح عدوان" بتوقيع سحر سعيد. يحمل الجزءُ الأوّل عنوان "الواقع والأساطير" والثاني عنوانَ "التجربة الحياتية"، وتقوم الأطروحة الأساسية للكاتبة الفرنسية (1908 – 1986) فيهما على أنّ الرجال يَضطهدون النساء على نحو أساسي من خلال وصفهنّ بـ "الآخر" المحدَّد حصراً في معارضة الرجال؛ حيث تشير إلى تمييز مجتمعي وجنسي يرى أنّ الإنسان يشغل دورَ الذات، أمّا المرأة فهي "الشيء" والآخر، وأنّ الرجل أساسي ومطلَق ومتسامٍ، بينما المرأة غير ضرورية وغير كاملة، ومشوَّهة.