يركّز الفنان والأكاديمي الإسباني إسيدرو لوبيث أباريثيو (1967)، على مضامين سياسية واجتماعية في أعماله التي تتنوّع بين التركيبات والرسم وفن التحريك والتصوير الفوتوغرافي، محاولاً تطوير تجربته من خلال ارتباطها الوثيق بالتزامه الإنساني والبيئي والسياسي.
وقدّم في هذا السياق العديد من المشاريع التي أضاءت واقع السجون أو مجتمعات الأقليات، أو اللاجئين، أو الحروب والاحتلالات حول العالم، موظّفاً معرفته في مجالات متعدّدة، كالحرف والهندسة والعمارة، وخبراته التي اكتسبها عبر تجواله في العديد من البلدان.
"لا تطلق النار"، عنوان معرضه الجديد الذي افتتح في الثاني من الشهر الجاري في "المتحف الوطني الأردني للفنون الجميلة" بعمّان ويتواصل حتى الثلاثين منه، ضمن فعاليات الدورة التاسعة من "مهرجان الصورة" الذي يشهد إقامة العديد من المعارض الفوتوغرافية تحت شعار "فلسطين".
الفنان الذي يقيم في مدينة غرناطة الأندلسية ويعمل في جامعتها، يعرض عملاً متعدّد الوسائط نفذه أخيراً ويظهر فيه معلقاً رأساً على عقب أمام جنود الاحتلال الإسرائيلي، مجرداً من كافة وسائل الدفاع، باستثناء قميصٍ كُتبت عليه عبارة "لا تطلق النار".
ظهر الفنان الإسباني في عمله معلقاً رأساً على عقب أمام جنود الاحتلال الإسرائيلي
أول عروضه كانت في مخيم عايدة للاجئين، الذي يقع بين مدينتي بيت لحم وبيت جالا، حيث استشهد فيه العديد من الفلسطينيين برصاص المحتل، ومنهم عبود شادي، الذي لم يتجاوز من العمر ثلاثة عشر عاماً، وقتل برصاص قناص إسرائيلي عام 2015، الذي شهد أيضاً مقتل عبد الرحمن مصطفى، ويبلغ العمر ذاته.
يحاكي أباريثيو جدار الفصل العنصري الذي أقامه كيان الاحتلال، حيث ينشئ جدراناً جديدة ترمز إلى التفرقة العنصرية بمختلف أنواعها، وقام بتعليق نفسه رأساً على عقب بمفرده أحيانًا، وضمن مجموعات تصل إلى خمسة عشر شخصاً في أحيانٍ أخرى، في أماكن متعددة، مثل فنلندا والصحراء الكبرى في أفريقيا، ضمن مبادرة أطلقها تحت شعار "بالمقلوب، تعلم الالتزام"، إبّان محادثات السلام الكولومبية عام 2002.
ومنعت "إسرائيل" عرض العمل الذي يشتمل على جداريتين بتقنية الفيديو آرت، ومجموعة صور ورسومات تُظهر آثار النزاعات الدامية وبطش الاحتلال. وكان الفنان الإسباني قد أقام معرضاً سابقاً في عمّان سنة 2018 ضمّ دراسات فنية عن مخيمات اللجوء السوري والفلسطيني في الأردن، مستفيداً من أدوات الاستعمال اليومي والخرائط والمعدن والتسجيل الصوتي لإنشاء موضوعه الفني الرمزي.
يُذكر أن إسيدرو لوبيث أباريثيو يحمل درجة الدكتوراه في الفنون الجميلة، وألّف العديد من الدراسات والمقالات، منها "الفن السياسي والالتزام الاجتماعي"، و"الفن كتحول إبداعي للنزاعات"، و"ذاكرة حول فائدة الأشياء"، وغيرها.