في العربية، يوجد حضور إشكالي لسيرة غرامشي، فهي تحضر كشذرات مثلما هو الأمر حين أقدم عادل غنيم على ترجمة مختارات من "كراسات السجن" (1994)، وقبله في كتاب صدر بالعربية تحت عنوان "الأمير الحديث" (1970) ترجم فيه زاهي شرفان وقيس الشامي نصوصاً متفرّقة للمفكّر الإيطالي، وفي زمن أقرب ضمن دراسة صدرت في كتاب بعنوان "الثقافي والسياسي لدى أنطونيو غرامشي" (2015) لجليلة عمامي، كما لنا أن نتلمّس شذرات منها ضمن ترجمة رسائله التي نقلها إلى العربية كل من سعيد بوكرامي وأمارجي. لكننا وبشكل قاطع يمكننا القول إن سيرته لم تُكتب بعدُ بالعربية، ولا حتى أنها تُرجمت مكتملة. ما يهوّن علينا هذا النقص ربما هو أن ثقافات عديدة، بعضها أقرب منا إلى إيطاليا لم تتوفر لها سيرة غرامشي.
في الفرنسية مثلاً، لم تظهر سيرة لغرامشي مؤلفة مباشرة بلغة موليير إلا في 2013. يؤكّد واضع هذه السيرة، جان إيف فريتينيه، أن عمله البيوغرافي يهدف إلى أن يكون مضاداً لغرامشي المختصر في كونه "علبة أدوات"؛ حيث مثلت مصطلحات: هيجيمونيا، حرب المواقع، الحس المشترك، الكتلة التاريخية، والمثقف العضوي، عناصر صالحة لكل طبخة. صدور هذه البيوغرافيا، بالتالي، يعبّر عن لحظة وعي في الثقافة الفرنسية، حيث لم يعد ممكناً الاكتفاء بغرامشي الوافد (هناك سيرة مترجمة من الإيطالية)، وأن علبة الأدوات لا يمكن إحسان استعمالها دون معرفة أعمق وأكثر تلبية لحاجات القارئ الفرنسي.
إذن، وبالعودة إلى منطلقاتنا العربية، علينا أن نضيف إلى حاجتنا لغرامشي كـ"علبة أدوات" حاجتنا إلى سيرته كي لا نعرف في وقت لاحق أننا درسنا غرامشي "بلا أرض"، والعبارة لـ فريتينييه، أي أن يجرى تقبّله دون اعتبار للتربة التي نبتت فيها أفكاره، وهو السياق الإيطالي الجيوليتي (نسبة إلى جيوفاني جيوليتي الذي هيمن على الحياة السياسية في إيطاليا أواخر القرن التاسع عشر) والفاشستي.
تحضر سيرته كشذرات في العربية ولم تُكتب أو تترجم كاملة
يرجّح مؤرخون أن غرامشي من أسرة ذات أصول ألبانية قادتها الهجرات والحروب في البلقان للاستقرار في جزيرة سردينيا منذ القرن الثامن عشر. جدّه كان كولونيلاً في جيش مملكة الصقليّتين Regno delle Due Sicilie، وسيكون أبناؤه موظفين في الدولة الحديثة، ومنهم فرانشسكو والد أنطونيو، والذي بعد أن انقطع عن دراساته الجامعية في القانون، عُيّن مراقباً في مكتب بلدي في مدينة غيلارزا Ghilarza في جزيرة سردينيا.
من إشكاليات سيرة غرامشي أن الصيغ المتداولة منها تضمّنت بأنه أتى من بيئة فقيرة، مادياً وثقافياً، غير أن ذلك غير صحيح، فالأسرة تعدّ بمعايير ذلك الزمن من الطبقة الوسطى مادياً، وعلى المستوى الثقافي يمكن وضعها في أعالي الطبقة الوسطى. لم تكن هذه الصورة التي جرى تداولها عن غرامشي سوى جزء من الدعاية اليسارية التي تبتغي أن يكون غرامشي على مقاس القوالب التعبوية. لا ينفي ذلك أن الأسرة عاشت هزّات كثيرة في نهاية القرن بسبب الاضطرابات السياسية في إيطاليا، مثلها في ذلك مثل معظم الأسر الإيطالية.
منذ أن وُلد لأسرة غرامشي طفل سمّوه أنطونيو (في 22 يناير/ كانون الثاني 1891)، بدا واضحاً أن الطفل قليل الحظ صحياً، وهو ما سيستمر معه طوال حياته، ولذلك كثيراً ما سيق ذلك التفسير السيكولوجي الذي يقول إن غرامشي، مثل نماذج أخرى من التاريخ، قد حمل جسده كصليب، أو كسجن، وهو ما جعله يتجه نحو التنظير أكثر ليتحرّر من إكراهات الجسد من خلال "قوة الفكر".
سيكون للصعوبات الصحية أثرها في تحديد مسارات عديدة في حياة غرامشي، من ذلك أنها أعاقت تحصيله الدراسي حيث إنه اضطر الى ترك المدرسة في 1902، ليبدأ في العمل مبكراً ما يجعل أموره الصحية تتعقّد أكثر. في المقابل، سيكون للعمل أثر جيد على مستوى الاحتكاك المباشر مع قضايا ستصبح لاحقا جوهر فكر غرامشي، حيث إن موقع التلميذ لم يكن ليتيح له ما يوفره موقع العامل على مستوى ملامسة الصدامات الطبقية، في حدث بارز مثل الإضراب العام الذي جدّ في إيطاليا سنة 1904.
لا يمكن القول إن الفتى قد عاش تلك التجربة من خلفية يسارية أو أنه كان فاعلاً، فبالتأكيد لم يحصّل بعدُ ما يُمكّنه من فهم المشهد بمفرادات يسارية، كان فقط قد سجّل اندماجه في طبقة البروليتاريا، وهو ما سيخلق حساسية فكرية خاصة بقضاياها، قبل أن تتاح له العودة إلى مقاعد الدراسة في 1905، وهي سنة شهدت أولى قراءاته للأعمال الاشتراكية، وحين ستحدث لاحقاً (1906) تحرّكات عمالية، سيكون غرامشي مجهّزاً هذه المرة بتمثلات ذهنية أمتن تتيح له قراءة بعض عناصر المشهد. إنها سنوات تأسيس رؤية ستجد لاحقاً مساحة للتمدد حين ينتقل إلى مدينة كالياري عاصمة سردينيا في 1908 للدراسة، وفيها تشبّع بالقراءات المتنوّعة في الفلسفة والأدب والتاريخ، وبدأ عقله يلتحم مع الأفكار الكبرى في إيطاليا.
يجرى تقبّله دون اعتبار للتربة التي نبتت فيها أفكاره
في هذه السنوات أيضاً تعرّف على عوالم الصحافة، وقد ظهر أول مقال له في 1910 في الصحيفة اليومية "لونيوني ساردا" (الوحدة الساردية) والتي كان يديرها أحد أساتذة المعهد الذي كان يدرس فيه، وقد التقط هذا الأستاذ، رافا غارتسيا Raffa Garzia، شيئاً من مواهب الشاب رقيق الحال والذي سيفضي به المسار إلى اقتلاع إحدى المنح الدراسية ودخول الجامعة. وفي سنة 1910، يمكن القول إن غرامشي قد اختار طريقه نهائياً بتقاربه مع الدوائر اليسارية بدفع من أخيه الأكبر، ذي الميول اليسارية أيضاً، والذي كان يقاسمه السكن في كالياري، لكن هذا التقارب لم يكن يعني معرفة دقيقة، فحين ذهب غرامشي إلى تورينو لم يكن يعرف عن ماركس - وهو أشهر منظري اليسار - الشيء الكثير.
معادلات كثيرة ستكتمل في تورينو، فنحن حيال مدينة كبيرة، العاصمة الأولى لإيطاليا المستقلة، وأكثر ما يعنينا أنها مدينة يمكن اعتبارها صناعية، وهي الوحيدة في ذلك الوقت في إيطاليا تقريباً، فيها تتجسّد الأفكار التي كان يقرؤها غرامشي، وهي أيضاً مدينة سيجد فيها الأطر التنظيمية التي يمكنها أن تحتويه، بداية بالانخراط في حياة جامعية ثم وجود هيكلة حزبية حيث سينتمي الشاب القادم من جزيرة سردينيا رسميا إلى الحزب الاشتراكي في 1914، إضافة إلى الاحتكاك بصحافة نشيطة وذات انتشار واسع.
هكذا توفرت بيئة كاملة في تورينو كي يتقدّم غرامشي نظرياً وعملياً. كما توفّرت ظروف تاريخية عامة، فالحرب العالمية الأولى جلبت سجالات حول دخول إيطاليا من عدمه فيها ولأي حلف تنتمي، كما نشطت العودة إلى أسئلة التاريخ الإيطالي بين المثقفين، من مرجعياته الرومانية القديمة إلى نقد خيارات عصر توحيد الأمة، ولم تمض عليه إلا بضعة عقود. كان مناخاً نشطاً وصاخباً، بل ملتهباً وعنيفاً أحياناً. وبعد سنوات قليلة من الدراسة (1911-1915)، ورغم تميّز غرامشي واندماجه في النخب الجامعية، قرّر الشاب الآتي من جزيرة سردينيا أن يتفرّغ للنضال الحزبي من خلال الصحافة اليسارية.
بعد عقود، كتب عنه أحد أساتذته، أنيبالي باستوري، قائلاً: "كان غرامشي يريد أن يعرف كيف يتحوّل الفكر إلى قوة عمَلية". ربما تفسّر هذه الملاحظة القطيعة المفاجئة بين غرامشي والجامعة، فمنذ أن استشعر الشاب بأنه قد حصّل عناصر الإجابة الكافية لأسئلته حول المجتمع والسياسة والتاريخ، سرعان ما ارتحل إلى الفعل السياسي والفكري المباشر، ويبدو بأنه نظر إلى الجريدة باعتبارها الآلة التي تحوّل الفكر إلى قوة عملية، قبل الجامعة بالتأكيد، وربما قبل الحزب والنقابة أيضاً، وهذا أمر سنجد أثره في فلسفته حيث أراد غرامشي تحويل الصراع الطبقي من الأطر السياسية والنقابية إلى الجبهة الثقافية.
في 1916، سيبدأ اسم غرامشي في اللمعان ككاتب مقالة، كان يعلّق بشكل متتابع على مختلف جوانب الحياة العامة، وقد وصل الشاب الإيطالي إلى ذروة إنتاجه الكتابي في 1917، بمعدّل مقال يومي، خصوصاً مع أحداث فبراير في روسيا وكان أشهر مقالاته قد نشر في صحيفة "لافانتي" حاملاً عنوان "الثورة ضد رأس المال"، وفيه بدأ يرسم مسلكاً جديداً في الفكر اليساري حين لم يُطربه نجاح ثورة الشيوعيين في روسيا وحاول إعادة مراجعة ما حدث على ضوء النظرية الأم.
بشكل عام، تميزت هذه الفترة بأمرين؛ الأصالة والهامشية، وهو توصيف يؤكّده كاتب سيرته الفرنسي، فخارج الكتابة الصحافية لم يكن لغرامشي دور قيادي في اليسار الإيطالي، وما يفسّر هذا الابتعاد عن المواقع القيادية مقالاتُه ذاتها فأطروحاتها لا تنتمي إلى المتفق عليه أو ما يريد سماعه القراء، خصوصاً من النخب اليسارية. كان لا بدّ بالتالي من اجتراح موقع جديدة.
في 1919، أصدر غرامشي مع عدد من رفاقه جريدة "أورديني نووفو" وأدارها، وهنا سيبدأ البعد الزعاماتي يبرز في شخصيته، وإن كان علينا أن نتصوّر نزعة زعاماتية تختلف تماماً عن نموذجها في ذلك العصر، والذي كان يجسّده موسوليني أو لينين بخطابة عالية الصوت والاتكاء على الموجة الشعبوية. ومن الطبيعي أن يتزامن لمعان اسم غرامشي كمثقف يساري مع بداية التضييقات البوليسية ضدّه، والتي ستترك أثرها على نسق حياته، وصولاً إلى أوّل اعتقال (كان قصيراً) في 1919.
ورغم أنه لم يكن بعد في الواجهة، فإن المنتمين والمتعاطفين مع اليسار الإيطالي بدأوا يجدون في غرامشي تصوّرات جديدة فيقتنعون بأن المسار الذي يقترحه يقدّم مخارج لعدة عوائق يعرفونها تنظيمياً ونظرياً. لا ننسى أنه في تلك الفترة، كانت البيئة اليسارية تصنع طلباً على نوع خاص من القيادات، وصورتها ذلك "المنظر القدير" الذي له علم واسع في السياسة والفلسفة والاقتصاد، قياساً على نموذج ماركس، ولم يكن في إيطاليا من هؤلاء كثيرون. شعور كهذا من عموم اليساريين كان من المنطقي أن يدفع شاباً مثل غرامشي إلى مزيد تطوير الكفاءات النظرية، ويبدو أنه أخذ يوظّف تجاربه لبناء صورة ذهنية للعالم الذي يحتك به. قاوم غرامشي، عبر الصحافة، الكثير من أوهام إيطاليا الجيوليتية ومنها القول بأن إيطاليا في الطريق (الرأسمالي) الصحيح، وهذا حديث كان له وقعه في تورينو، المدينة التي يمكنها أكثر من غيرها من المدن الإيطالية أن تتحسّس أوهام ذلك الخطاب الدعائي.
أيضا، كان غرامشي، مثله مثل أميديو بورديغا الذي يتسلّق بخطى سريعة سلالم الزعامة في التنظيمات اليسارية التورينية، مقتنعاً بأن الثورة ممكنة في إيطاليا، وأن أحداثاً مثل إضرابات أغسطس 1917 تعطي آمالاً في هذا الاتجاه، وسيأتي هذا العام بثورة، لكن ليس في إيطاليا، بل في روسيا، وهي بلد شبه غائب عن الوعي الإيطالي وقتها، كما هو الأمر تماماً في معاقل الرأسمالية: فرنسا وبريطانيا وألمانيا.
بفضل هذه الثورة سيتبوّأ غرامشي مكانة جديدة في اليسار، ليس الإيطالي فحسب بل العالمي أيضاً، فقد أهداه مقال "الثورة ضد رأس المال" رأسمالاً من المتابعين. فبعيداً عن الفورة العاطفية، وضع غرامشي الثورة الروسية على مشرحة النقد (ديسمبر 1917) ليخرج بأنها لا تنطبق على مقولات ماركس، فمن يعرف كتاب "رأس المال" في روسيا غير أبناء البورجوازية؟
لكن غرامشي وعلى مستوى آخر، واجه أكبر منتقدي الثورة الروسية ممن قالوا إن الشعب والطبقة العاملة غير مهيأين للثورة باعتبار أنهما لم يمرا بالمراحل التي أشار إليها ماركس. هنا قال غرامشي: "لماذا على الشعب أن ينتظر تكرار تاريخ إنكلترا في روسيا؟" أي أن تتشكل بورجوازية ومنها يندلع صراع طبقي وصولا لانبثاق وعي شعبي يتقدم نحو إسقاط المنظومة الرأسمالية؟ بذلك جعل غرامشي من الثورة الروسية هزيمة لمنهج المادية التاريخية والفكر القائم على الحتميات، ولكنه جعل منها في نفس الوقت انتصاراً للعفوية الشعبية، والخروج من دوغمائية النظريات.
وعلى الرغم من حماسة كثيرين لهذا الصوت الجديد، لم يحقق غرامشي مكاسب على المستوى الزعاماتي، ويبدو أنه كان زاهدا في ذلك بعض الشيء، فالظرف الإيطالي غير ملائم بالشكل الكافي لدخول سجالات من هذا النوع، لذلك ذهب غرامشي إلى استراتيجية أخرى عبر تمرير أفكاره من خلال "الأممية"، وهو خيار-منعطف حيث ستكون له تبعات على مسارات حياته، فحين ذهب غرامشي في مايو 1922 إلى موسكو للمشاركة في "الأممية الثالثة" لم يكن يعلم أنه سيعود بعد قرابة سنتين إلى إيطاليا وأنه حين يفعل ذلك سيكون قد أصبح زوجا وأبا... وبولشفياً.
على صعيد آخر، لم يحتمل جسد غرامشي طقس روسيا البارد، وقد كان ذلك سبباً لغيابه عن جزء كبير من الاجتماعات التي كان مقرّرا أن يحضرها. وبسبب المرض أيضا لم يتابع غرامشي عن كثب ما كان يحدث في إيطاليا نفسها، ففي أكتوبر 1922 كان الفاشيون قد انتزعوا السلطة بشكل شبه كامل، مع ما عرف بالمسيرة على روما بقيادة موسوليني. لكن هذا التوقف السياسي والفكري كان فرصة ليعيش غرامشي مقداراً من الحياة الشخصية، وهو الذي نذر نفسه للنضال كما كان يصارح نفسه ومعارفه.
في أحد مشافي موسكو جاورته أوجينيا شوشت، والتي سرعان ما تطوّرت الصداقة بينهما إلى صداقة مع الأسرة بأكملها، ثم إلى علاقة غرامية، لكنها علاقة عابرة مقارنة مع العلاقة التي سيرتبط بها أنطونيو مع الأخت الصغرى لأوجينيا، جوليا، إضافة إلى شخصية باتت معروفة عبر رسائل السجن، وهي الأخت الثالثة تاتيانا. وطبعا خلقت هذه العلاقة المركبة الكثير من المشاحنات بين الأخوات، إضافة إلى مستوى آخر من التشكّك حمله غرامشي عبر وسوسته من التجسّس الذي يمكن أن يتعرّض مناضل سياسي مثله.
تحوّلات المشهد في إيطاليا أجبرت غرامشي على البقاء لمدة أطول في موسكو، خصوصاً مع صدور مذكرة إيقاف ضدّه. وفي نهاية 1923 قرّر التحرّك فانتقل إلى فيينا وهناك عاد إلى نسق متابعته للحياة السياسية من خلال الرسائل المتبادلة مع رفاقه ومحاولته تأسيس خلية حزبية في العاصمة النمساوية، ولعله أفاد من هذا الوضع بتطوير كفاءته التنظيرية فلم يكن له أن يكون فاعلا داخل إيطاليا بأي حال من الأحوال.
من فيينا، طوّر نظرة متفائلة حول إيطاليا، فقد اعتبر أن صعود الفاشية يوفر أرضية ثورية أكثر من قبل في بلاده، مقارنا الفاشية بالقيصرية الروسية التي هيأت هي الأخرى للثورة في روسيا. في الأثناء، واصل غرامشي كسب الأنصار، خصوصاً مع شعور كثيرين بكونه الإيطالي الأقرب إلى موسكو، وسيتيح له ذلك - حتى وهو بعيد عن إيطاليا - أن يكسب الانتخابات البرلمانية في مايو 1924، وعلى المستوى الحزبي سيصبح في أغسطس من نفس العام السكرتير العام للحزب الشيوعي الإيطالي، وسوف يعود إلى موسكو وهو يقود البعثة الإيطالية في 1925 في اجتماع الأممية.
هذه الخطوات السريعة في عالم السياسة، كانت تزيد من تخوّفات الفاشيين من زعامة غرامشي، وفي الثامن من نوفمبر 1926، جرى القبض عليه، ثم حُكم عليه بـ20 سنة سجن في 1927 لكنه لم يكملها، حيث إن نشاط حملات الإفراج عنه كسجين رأي، إضافة لصعوباته الصحية، دفع السلطات الفاشية للإفراج عنه في 1934، لكن انتهاء الأحكام ضدّه لم تتم بصفة رسمية إلا في 1937 (21 أبريل) وتوفي بعد أيام قليلة، تحديداً يوم 27 أبريل 1937.
* مقطع من كتاب قيد الإنجاز حول فكر أنطونيو غرامشي