في عام 1948، قدّم المخرج محمود ذو الفقار فيلم "فتاة من فلسطين" الذي اعتبر أول شريط في السينما المصرية عن القضية الفلسطينية، وقد تناول مشاركة الجنود المصريين الذين ذهبوا لتحرير فلسطين، ليتبعه في العام التالي فيلم "نادية" (1949) لفطين عبد الوهاب الذي يروي قصة فتاة مصرية استشهد أخوها خلال النكبة.
ثم توالت الأعمال السينمائية الروائية والتسجيلية التي تُصوّر حدثاً ترك تأثيراته على مصر، خاصة خلال المرحلة الناصرية، حيث سعى صنّاع الأفلام إلى إضاءة موضوعات مختلفة انسجاماً مع خطاب السلطة، ومنها أزمة توريد الأسلحة الفاسدة للجيش المصري إبان النظام السابق، ولاحقاً في تناول العمل الفدائي المسلّح ضدّ العدو.
"أفلام قصيرة من غزّة" عنوان الفعالية التي ينظّمها "المتحف الفلسطيني" في بيرزيت عند الثالثة من بعد ظهر الأربعاء المقبل، حيث يُعرض فيلمان أُنتجتا وصُوّرا في مدينة غزّة خلال بين 1957 و1964.
فيلمان يُعرضان للمرّة الأولى ويضيئان مدينة غزّة خلال الخمسينيّات والستينيّات
يشير بيان المنظّمين إلى أن المخرج الفلسطيني رائد دزدار عثَر، وبمحض الصدفة، على نسخ قديمة من هذين الفيلمين على شريط سينمائي (بكرات 16 مم) أثناء تواجده في مصر، ويبدو أنّها لم تُعرض من قبل، كما أنّها غير متوفّرة ضمن أرشيفات السينما الفلسطينيّة، حيث اشترى دزدار هذه الأفلام وأعاد ترميمها ورقمنتها، وهي تُعرض للمرّة الأولى، وتضيء معالم مدينة غزّة وقضاءها خلال خمسينيّات وستينيّات القرن الماضي.
الفيلم الأوّل بعنوان "شعب بلا وطن" (15 دقيقة)، وهو شريط درامي أُنتج سنة 1957 عن نكبة الشعب الفلسطيني، من تصوير علي حسن، ومونتاج حسين عفيفي، وإخراج حسن رضا، ومع تعليق صوتي باللغة الإنكليزيّة.
يروي الفيلم قصّة عائلة فلسطينيّة نموذجية تنتمي إلى الطبقة الوسطى، وتتعرّض للتشرّد والقتل والمآسي بسبب النكبة الفلسطينيّة عام 1948، ويسلّط الضوء على معاناة الأطفال والعائلات في المخيّم، وما تعرّضوا له من فقر وحرمان من أبسط أسباب الحياة اليوميّة، وينتهي الفيلم برسالة إلى ضمير العالم لإنصاف الشعب الفلسطيني، ودعمه في قضيّته وحقّه في العودة وتقرير المصير.
أمّا فيلم الأرض السليبة (14 دقيقة) للمخرجة سعديّة غنيم، إحدى أبرز صنّاع السينما التسجيلية في مصر خلال تلك المرحلة، والذي يأتي مع تعليق صوتي لأحمد خميس، فقد تمّ تصويره في ستينيّات القرن الماضي.
وتظهر في الفيلم مشاهد من مدينة غزّة وشوارعها، ومنها حيّ الرمال، وركّاب ينتظرون في محطّة السيارات والقطار، ونصب الجندي المجهول، ومبنى الحاكم العامّ، وبيوت، ومساجد، وكنائس، ومخيّم للّاجئين، ومشاهد لأطفال ونساء في المخيّم وأسواقه، وبائعين ودكاكين صغيرة.
وينتهي الفيلم بمشاهد لمتطوّعين فلسطينيّين مع بنادقهم، وعلم فلسطين يرفرف عالياً.