في الستينيات، برز اسم أحمد مالك من خلال تأليفه العديد من الأفلام المؤسسة للسينما الجزائرية، والتي ارتبطت مضامينها بالتحرّر من الاستعمار الفرنسي، وبإضاءة التغيّرات الثقافية والسياسية في المجتمع بعد نيله الاستقلال.
تلقّى الفنان الجزائري (1931-2008) تعليمه الأكاديمي في "المعهد الموسيقي" بالجزائر العاصمة، والذي التحق به في الأربعينيات، وتخصّص في دراسته بالعزف على عدّة آلات منها الناي والبيانو والأكورديون، وساهم في تأسيس العديد من الفرق التي قدّمت موسيقى جزائرية حديثة، كما قاد أوركسترا بلاده لسنوات عديدة.
تتعدّد الاستعادات لتجربة مالك، حيث أقيم معرض في "المتحف العمومي الوطني للفن الحديث والمعاصر" عام 2019، اشتمل على أرشيف الموسيقار الراحل من خلال تقديم عشرات من الصور والمقالات التي نُشرت حوله في الصحف الجزائرية والعربية والأوروبية، والمقابلات التلفزيونية المصورة، إلى عرض الفيلم التسجيلي "كوكب مالك" للمخرجة الفرنسية بالوما كولومب، ويتناول سيرته التي ترويها هانية، ابنته، على مدار عشرين دقيقة.
كما أطلق "متحف السينما الجزائرية" في العاصمة برنامجاً عند الواحدة من بعد ظهر أمس الأحد تكريماً للفنان، يضمّ مجموعة من الأفلام التي ضمت عدداً من أعماله الموسيقية، والذي يتواصل حتى مساء الخميس المقبل.
افتتحت العروض بفيلم "ليلى والأخريات" (1977) لسيد علي مازيف، والذي يتناول قصة كل من ليلى العاملة في مصنع، وصديقتها مريم واللتين تجدان نفسيهما بمواجهة الصعوبات والأحكام المسبقة المتأصلة من قبل المجتمع تجاه المرأة، حيث تغيب حقوقها في العمل وحرية اختيار زوجها وخياراتها المصيرية في مختلف مجالات الحياة، ما تعكسه الموسيقى التي ألّفها مالك للعمل.
وضع مالك موسيقى فيلم "عمر قتلاتو" (1976) لمرزاق علواش الذي عرض أمس أيضاً، ويجسّد واقع الشباب الجزائري في فترة السبعينيات من خلال قصة شاب جزائري يعيش في منزل صغير مع إخوته، وهو يعاني الوحدة رغم ازدحام البيت، بالإضافة إلى خيباته العاطفية ومشاكله في العمل.
لا تزال هذه المقطوعات الموسيقية تشكّل جزءاً من ذاكرة السينما والموسيقى في الجزائر، كما تعكسها أفلام "بلا جذور" (1976)، و"حواجز" (1977)، و"تشريح مؤامرة" (1977)، و"مغامرات بطل" (1978)، و"سقف وعائلة" (1982) و"زواج موسى" (1982)، وغيرها.