"سورية، مئة عام من محاولات تشكيل هوية" عنوان المحاضرة التي ألقاها أستاذ الآثار والباحث السوري أحمد فاطمة كزّو مساء الأحد الماضي، بتنظيم من "منصة الهلال الخصيب" في باريس، وتناول خلالها كيف يساهم الماضي في بناء الهوية الوطنية السورية.
يضيء المحاضر على مسألة الشرعية، حيث لا يمكن إثباتها إلا من خلال الرجوع إلى فعل أو حدث ما في الماضي، من خلال تناول تاريخ التشريع في سورية، وتعديل الدستور، لأنه يمثل القانون الأساسي الذي يعطي الدولة شكلها، وأيضاً من خلال فحص قانون الآثار الذي يختص بالأشياء التي تمثل الماضي الثقافي.
يعود كزّو في محاضرته إلى لحظة دخول القوات العربية بقيادة الأمير فيصل ابن الشريف حسين، شريف مكة، دمشق في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 1918، لتنتهي بذلك سيطرة الدولة العثمانية على بلاد الشام، وتبدأ مرحلة جديدة من تاريخ سورية المعاصرة.
يعود المحاضر إلى تاريخ الدستور السوري والتغيرات التي طرأت عليه، وكذلك قانون الآثار
كذلك يتوقّف عند تشكل المؤتمر السوري العام في حزيران/ يونيو عام 1919، حيث أُعلِنَت سورية مملكةً عربية، لكن سرعان ما أُنهيَت هذه المملكة باستعمار بريطاني – فرنسي، ودخول فرنسا دمشق وإعلان سورية ولبنان تحت السيطرة الفرنسية.
وتناول كزّو بداية تشكيل سورية وهويتها، وذلك من خلال الدساتير وبداية تأسيس المتاحف، وعلم الآثار ونتائج الحفريات الأثرية وطريقة تناوله بكتب التاريخ المدرسية، التي تعتبر المصدر الرئيسي للناس، للتعرف إلى ماضيهم أو تاريخهم.
ويفصّل أيضاً كيف استُخدِم التاريخ من قبل الأحزاب السياسية، من أجل التعبير عن أيديولوجيات وتوجّهات مشتركة، ومنها العلاقة بين اللغة والعرق، وكيفية تمثيل الثقافة والفكر للتعبير عن الهويات الوطنية الناشئة عبر التاريخ.
يُذكر أن أحمد فاطمة كزّو حاصل على دكتوراه بعلم الآثار من جامعة روما "سابينتزا"، ويعمل محاضراً في "جامعة بوتسدام" بألمانيا، وعمل في عدّة مواقع أثرية هامة، منها إبلا في سوريا، وشاتال هويوك في تركيا، ولديه العديد من المنشورات العلمية المختصة بالأختام الاسطوانية خلال الألف الثاني قبل الميلاد، ودراسات عن الإرث الثقافي والهويات الوطنية، إلى جانب نشره أول ترجمة إيطالية لمخطوط عبد اللطيف البغدادي عن مصر والعائد لعام 1204.