أحمد سميعي كيلاني.. حياة طويلة بين السياسة والأدب

27 اغسطس 2024
+ الخط -

في آذار/ مارس من العام الماضي، وكان قد تجاوز عامه الثاني بعد المئة ببضعة أشهر، ظهَر أحمد سميعي كيلاني في منزله بطهران وهو يستلم مِن السفير الفرنسي في إيران وسام "السعف الأكاديمية" برتبة فارس التي استحدثها نابليون عام 1808 لتكريم "الشخصيات التي تُقدّم إسهامات مميّزة في إثراء التراث الثقافي"؛ فقد أسهم العضو الدائم في "أكاديمية اللغة والأدب الفارسي"، خلال حياته الطويلة، في تعريف قرّاء الفارسية بأبرز كتّاب الفرنسية التي تعلّمها على يد شقيقه الأكبر.

كان ذلك آخر ظهور للمُترجم الإيراني (1921 - 2023)، الذي يُلقَّب بـ"أب التحرير في إيران"؛ إذ رحل بعد ذلك بأيام قليلة. وفي آب/ أغسطس 2023، أصدرت "دار نِي" (الناي)، كتاباً عنه بعنوان "أحمد سميعي كيلاني، حياته ومذكّراته السياسية"، اعتمدت فيه الكاتبة الإيرانية سايه اقتصادي نيا على حوارات أجرتها معه منذ تمّوز/ يوليو 2020، لكنّها لم تُنشَر من قبل، بناءً على وصيّته بعدم نشرها وهو على قيد الحياة.

يتوقّف الكتاب، الذي أطلقته الدار في ندوة أقامتها بمقرّها في طهران مؤخراً، عند تجربة كيلاني الكتابية؛ والتي توزّعت بين الكتابة والتحرير الأدبي والترجمة؛ فقد ألّف عدّة كتب حول قواعد الكتابة والتحرير، ونشر مقالات في عدّة مجلّات؛ مثل "بيك جوانان" (رسول الشباب)، و"كتاب اليوم" و"رودكي"، وعمل رئيس تحرير لمجلّة "نامه فرهنكستان" منذ صدور عددها الأوّل عام 1995 وحتى عام 2019، وترجم لعددٍ من الكتّاب والمفكّرين والشعراء الفرنسيّين؛ مثل: موليير، ودي مونتين، وروسو، وفلوبير، ودو لافونتين، وفنلون، ودي شاتوبريان، وبيريك، ورابليه، وجورج ساند، وألفونس دوديه، وأناتول فرانس.

رأى أنّ "إنقاذ إيران" لا يتمّ بالعمل السياسي بل بالعمل الثقافي

ويتوقّف الكتاب، أيضاً، عند نشاطه السياسي الذي نادراً ما كان يتحدّث عنه في مقابلاته الصحافية، وتحديداً نشاطه في "الحزب الشيوعي الإيراني" (حزب توده)، الذي أسّسته مجموعةٌ من السياسيّين والمثقّفين الإيرانيّين عام 1941، عقب عزل الشاه رضا بهلوي، وقد دعم الحزب قيام جمهورية مهاباد الكردية في أذربيجان بإيران (شمال غربي البلاد)، عام 1945، لكنّ السلطات الإيرانية تمكّنت من القضاء عليها بعد عام واحد، وبعد تعرّض الشاه محمد رضا بهلوي لمحاولة اغتيال في "جامعة طهران" عام 1949، جرى حظر أنشطة الحزب واعتقال ومحاكمة وإعدام عدد من عناصره، بينما فرّ آخرون خارج البلاد، وظلّ من بقي منهم فيها ينشط بشكلٍ سرّي. كان أحمد سميعي كيلاني عضواً في "منظّمة شباب حزب توده" بين عامَي 1944 و1954. وخلال هذه الفترة، مارس العمل السياسي السرّي، وأُرسل في مهمّة إلى أوروبا، وتعرّض للاعتقال والتعذيب مرّتَين بسبب نشاطه السياسي.

بعد هذه التجربة الطويلة بين السياسة والأدب، وصل كيلاني إلى قناعة مفادها أنّ "إنقاذ إيران لا يتمّ من خلال العمل السياسي، بل من خلال العمل الثقافي"، وهذه المقولة، وفق سايه اقتصادي نيا، هي جوهر رؤيته في الكتاب. وقالت، خلال الندوة، إنّ كيلاني رأى أنّ ذلك يعكس رؤية ووعياً سياسيَّين؛ "إذ إنّ ممارَسة العمل الثقافي بدلاً من العمل السياسي هي في حدّ ذاتها عمل سياسي".

آداب وفنون
التحديثات الحية
المساهمون