"آخر نفَس" عنوان معرض للفنان التشكيلية الغزّية ملك مطر، افتتح في "غاليري ونغز" بقصر كرومويل في لندن، أول أمس الثلاثاء، ويتواصل حتى العاشر من الشهر الجاري، ويضمّ مجموعة من أعمالها التي نُفّذت قبل الإبادة وخلالها، وهو حصيلة إقامة فنّية استمرّت لعشرة أسابيع، نظمّها فضاء "An Effort".
تتنوّع الأعمال المعروضة بمضامينها؛ حيث الوجوه البشرية، والعلاقات بين الإنسان والحيوان، امتداد لتجارب سابقة، وتوثّق أيضاً العدوان الصهيوني الذي يتواصل منذ أكثر من خمسة أشهر، من خلال رسومات تتناول يوميات الناس والعائلات التي فقدت معظم أبنائها، وغيرها من الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها الاحتلال.
في حديثها إلى "العربي الجديد"، تشير مطر إلى أنّ "العمل المركزي في المعرض الذي يشترك معه في العنوان ذاته، هو لوحة ضخمة الحجم؛ طولها خمسة أمتار وعرضها أكثر من مترين، وتمّ تنفيذها بألوان زيتية على قماش لينين".
وتوضّح بأن اللوحة "تشرح وتلخّص الإبادة التي يمارسها الاحتلال من مستويات عدّة، حيث يقوم بقتل البشر والحيوانات وتدمير العمارة الإسلامية والمسيحية والمراكز الثقافية والتاريخ وغير ذلك"، مضيفة أنّ "الفنان لديه مسؤولية توثيق ما نمرّ به من أحداث، مستخدماً عدّة خامات وأساليب، حيث تعكس الأعمال الفنّية الآن التجربة الفلسطينة، وقسوة النزوح والتجويع، ونقص الرعاية الطبية".
وتلفت مطر إلى أنّ "الفنّانين الفلسطينيّين لعبوا دور أساسياً وجوهرياً في توثيق تاريخ فلسطين، ومنهم سليمان منصور وإسماعيل شمّوط، وكذلك تمام الأكحل عندما رسمت تجربتها الشخصية في النكبة عام 1948، ونزوحها قسراً من مدينتها يافا"، مؤكّدة أنّ "الفن بطبيعته يعكس مشاعر الفنان، ويلعب دوراً تاريخياً في مناهضة الاحتلال والاستعمار، وكلّ أشكال القمع".
تركّز اللوحات المعروضة على المرأة الفلسطينية بشكل خاصّ، وما تعيشه اليوم في ظلّ القصف الإبادي، حيث تعيش النساء الحوامل معاناة متواصلة بسبب نقص الرعاية الطبية أو فقدانها تماماً، طوال فترة الحمل وصولاً إلى الولادة، وغيرها من الصعوبات والمشاق التي تواجهها المرأة الفلسطينية الصامدة، في واحدة من أقسى وأبشع الحروب التي شهدتها البشرية.
وسبق لمطر أن وثّقت العدوان الصهيوني على قطاع غزّة عام 2014، وهي التي عاشت الهجمات السابقة واللاحقة، وأصدرت كتاباً مصوّراً يحتوي شهاداتها على تلك الحروب بعنوان " طائر ستّي: قصّة غزّة" (2022).
وتقيم مطر معرضاً آخر بعنوان "CUTS" في فضاء "ريتش مكس" اللندني، وقد افتتح بداية الشهر الجاري ضمن النسخة العاشرة من "مهرجان أوان" ويتواصل حتى الثلاثين منه، ويشتمل على أعمالها الجديدة التي رسمتها خلال الفترة الأخيرة حول الأحداث المأسوية في غزّة باستخدام الفحم والرصاص، في خروج على أسلوبها السابق الذي يعتمد على الألوان بشكل أساسي.