"معرض الكتاب السوري": لغة تُذكّر بما قبل الثورة

23 أكتوبر 2022
من المعرض
+ الخط -

بين فعاليّتَيْن مخصَّصتَيْن لـ"التعرّف على الاتّحاد الروسي" و"بحْث سبُل تطوير العلاقات الثقافية مع جمهورية دونيتسك" (وهي إقليم فصله الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هذا العام عن أوكرانيا، وأعلنه "جمهورية" تُعَدّ سورية من البلدان النادرة التي اعترفت باستقلالها)، وجدت وزارة الثقافة السورية مكاناً وزماناً لـ"الاحتفاء" بالكتاب المحلّي في دفتر أجندتها المزدحم بالمواعيد التي يشغلها "الأشقّاء" الروس والإيرانيون.

هكذا، اختُتمت أمس السبت، في "مكتبة الأسد" بدمشق، فعاليات الدورة الثانية من "معرض الكتاب السوري"، الذي تنظّمه الوزارة لسدّ النقص الحاصل بسبب تغيّب "معرض دمشق الدولي للكتاب" منذ عام 2019، بعد أن قاطعه أغلب الناشرين العرب في نسخه الأخيرة.

حمل المعرض، الذي افتُتح في الثاني عشر من الشهر الجاري، شعار "نقرأ لنرتقي"، الذي يعطي صورة عن "الأمل" المفاجئ الذي تبنيه سلطات النظام السوري على الكتاب والقراءة، بعد أن جاءت نسخة العام الماضي تحت شعار "كِتابُنا غدُنا".

ترى وزيرة الثقافة أن صناعة الكتاب السوري لم تتأثر بالحرب والجائحة

ومثل العام الماضي، فقد شاركت في نسخة المعرض الجديدة نحو 50 دار نشرٍ وجهة ثقافية حكومية، مثل "الهيئة العامة السورية للكتاب"، التي قدّمت حسوماتٍ على كتبها بلغت الخمسين بالمئة. على أن دور النشر المتخصّصة في كتاب الطفل كانت الأكثر حضوراً، حيث بلغ عددها 12 داراً، بحسب الوزارة، التي ذكرت في بيانٍ لها أن "كتب الأطفال هي الأكثر رواجاً ومبيعاً" في المعرض.

ونقل البيان عن "وزيرة الثقافة"، لُبانة مشوّح، قولها إن "صناعة الكتاب السوري لم تتأثّر" بالأوضاع التي تعيشها البلاد منذ سنوات، كما أنها لم تتأثّر بجائحة كورونا، بحسب الوزيرة التي امتدحت قدرة القطاع على أن "يحافظ على تماسكه وإنتاجه بتطوير آليات جديدة لصنع الكتاب وتسويقه".

ومثل لغة مسؤولي النظام السوري، فإن تصريح الوزيرة يأتي بعيداً كلّ البعد عن الواقع الذي يسجّل أسوأ وضع عرفه الكتاب السوري منذ عقود، في ظلّ هجرة العديد من دور النشر وإغلاق أُخرى، إلى جانب إغلاق كثير من المكتبات أبوابها، وانعدام القدرة الشرائية لدى أغلب السوريين، بل وتراجع أهمّية الكتاب في مجتمع لم تعد تتوفّر فيه، إلّا بأسعار باهظة، أبسط حاجيات الإنسان الأساسية، مثل الأمان والخبز والماء والكهرباء والغاز وغيرها.

هذه اللغة الإنشائية والمفارقة للواقع، والتي تذكّر بسورية ما قبل الثورة، حاضرةٌ أيضاً في العديد من الفعاليات وكذلك العناوين الجديدة التي صدرت بمناسبة المعرض، ولعلّ في مقدّمتها كتاب الوزيرة السابقة نجاح العطّار، الذي أصدرته "الهيئة العامة السورية للكتاب"، وحمل عنوان "الرئيس الأسد: مسيرة من البطولة والتضحيات".

وعلى غلاف الكتاب يمكن لزوّار المعرض أن يقرأوا: "التاريخ يغدو شعلة في يدك، تشير إلى أن الدرب الجديد، درب الفداء الذي اخترت، هو الذي يقود إلى مشارف النور، حيث السحب الحمر تتوهّج، وتوشّح الدنيا بأرجوانية تنتمي إلى نجيع الشهادة"...

المساهمون