تتوجّه وزارة الثقافة المصرية مؤخّراً إلى إقامة معارض كتب محلّية في العاصمة ومعظم المدن، سعياً لتوسيع خارطة توزيع الكتاب بأسعار معقولة، كما تزامن هذا التوجّه مع تأثّر "معرض القاهرة" بسبب تداعيات جائحة كورونا التي دفعت إلى تأجيل موعد انطلاقه خلال العامين الماضيين، وعدم قدرته على استقبال الزوّار بكامل طاقته الاستيعابية.
من بين هذه التظاهرات، انطلقت الدورة الأولى من "معرض مدينتي للكتاب" مساء الثلاثاء الماضي على أرض "حديقة مدينتي المركزية" في القاهرة، وتتواصل حتى العاشر من الشهر الجاري تحت شعار "القراءة كالماء والهواء"، في اقتباس من تنظيرات طه حسين في كتابه "مستقبل الثقافة في مصر".
فعالية جديدة تنظّمها "الهيئة المصرية العامة للكتاب" وتشارك فيها أكثر من خمسين دار نشر مصرية، تُضاف إلى أكثر من ثلاثين معرضاً نظّمتها الوزارة في مختلف أنحاء البلاد، في محاولة منها لمواجهة أزمة الكتاب بعد انتشار فيروس كورونا، والتي راكمت مزيداً من الخسائر في صناعة النشر، لكن لا تبدو أنها حقّقت غاياتها بعد بالنظر إلى التراجع المستمرّ في عدد الإصدارات الجديدة، وعدم تعافي الناشرين المصريين والعرب عموماً.
من جهة أخرى، فإنّ المعرض الحالي الذي يفترض المنظّمون أنه يشكّل فضاءً ثقافياً للأسرة المصرية، تتركّز جميع أنشطة برنامجه الثقافية على ترويج سياسات المؤسّسة الرسمية في دعم "التنوير" الذي يتّخذ "مكافحة الإسلام السياسي" هدفاً سياسياً له في إطار محاربة ما يُسمّى "الإرهاب".
في هذا السياق، تتصدّر البرنامج فعاليات مثل إشهار كتابَيْ "أعداء مصر الخمسة" للباحث أمير رمزي، و"حرب أكتوبر 1973 بين الحقائق والأكاذيب" للباحث محمد عبد الخالق قشقوش، إلى جانب محاضرة "بناء الوعي في الجمهورية الجديدة" يشارك فيها عمرو سليمان وأحمد تركي وعبد الرحيم كمال.
كما أن المعرض حظيَ بتغطية واسعة من الإعلام الرسمي في تأكيد على أنه يحلّ في المرتبة الثالثة من حيث مساحة الأجنحة المعروضة بعد معرضَي القاهرة والإسكندرية، في منطقة تطوير عقاري (مشروع "مدينتي" السكني)، وهي جزء من عشرات المجمّعات السكنية الكبرى التي باتت تحيط بالعاصمة المصرية.
لا تغيب العروض الفنّية عن المعرض، حيث تُقدَّم عشرات الأمسيات لعدد من الفرق الموسيقية والاستعراضية، منها "فرضة رضا"، و"البيت الفني للفنون الشعبية"، و"بورسعيد للفنون"، و"فرقة الموسيقى الشعبية"، و"فرقة الإنشاد الديني"، و"فرقة الحرية"، وفقرات من السيرك القومي، إلى جانب أمسيات شعرية وورشات تعليمية في الرسم والخطّ والكولاج والنحت بالصلصال والترميم والكتابة بالهيروغليفية.