ركّزت العديد من الدراسات على اهتمام الفنان النمساوي غوستاف كليمت (1862 – 1918) بالفنون الفرعونية، خاصة في تناوله الموت كثيمة أساسية في العديد من أعماله، وتسّرب ذلك إلى بورتريهاته النسائية التي رسمها حيث ظهرن بنظرات تائهة وشبه غياب عن الوعي.
في تجربة الفنان التشكيلي المصري وليد عبيد (1973) يبرز هذا الأثر في تصويره حالات القهر والعزلة والضعف التي تعيشها المرأة، وما يترتّب عليها من حياة سرّية في الهامش، خارج رقابة المجتمع وتصنيفاته الجاهزة وأحكامه المسبقة.
"عدّ تنازلي" عنوان معرضه الجديد الذي يفتتح عند السابعة من مساء السبت المقبل في "إتيليه العرب للثقافة والفنون" (جاليري ضي) بالقاهرة، ويتواصل حتى الرابع من الشهر المقبل. ويضمّ المعرض لوحات تعكس أسلوبه الذي يتخذ من المبالغة والجرأة أساساً في إيصال مضامين اجتماعية وحقوقية.
يضيء عبيد البعد النفسي لشخصياته النسائية التي تظهر بملامح خاصة بالبيئة المصرية ومفرداتها، سواءً في اللباس أو في مشاهد البيوت وشخصياتها التي تقوم بأفعال اعتيادية تعبّر عن ألم وعجز تفضّل النساء إخفاءهما، كما يُظهر في بعض الأعمال تشوّهات الجسد التي تحيل إلى الغرائبية والقسوة التي تحكم حياتها.
ويشير في تقديمه المعرض إلى أن "الفنان عندما يرى قضية فجة أو عنيفة يجب أن يعبر عنها ولكن بطريقة فنية، فالجرأة في الأعمال الفنية أمر طبيعي وصادق لتوثيق المرحلة الزمنية بلوحات تسبق زمنه"، حيث تجسّد لوحاته قضايا المرأة بكل مراحلها العمرية وتفاصيل واقعها، من الطفولة للشباب والكهولة، دون الاعتماد على رسمهن بأجساد مثالية.
يسعى عبيد في أعماله إلى فهم العلاقة بين الرجل والمرأة، وما يرافقها من التباسات وسوء فه ضمن أعمال تحضر فيها رموز من الحضارة المصرية القديمة مثل لوحة لـ إيزيس وهي جالسة على سلّم بيت فى العشوائيات تتأهّب لثورة من هذا المكان.
في لوحات سابقة، رسم الفنان بورتريهات لأم كلثوم، وأخرى للفنانة والباحثة المصرية ياسمين الخطيب، والتي تظهر في حالات مختلفة تصوّر اللامبالاة أو تحديقها في الأشياء المحيطة بها أو وهي جالسة على درج أحد البيوت القديمة وبجوارها قطة، إلى جانب رسومات الطبيعة الصامتة.
يُذكر أن وليد عبيد وُلد في مدينة الجيزة وعاش معظم طفولته في اليمن، قبل أن يعود إلى القاهرة وحصل على بكالوريوس من "كلية الفنون الجميلة" في "جامعة حلوان" عام 1992 متخصّصاً في فن التصوير، وأقام عدداً من المعارض في مصر وخارجها.