تروي السير الشعبية كيف عاش ابن غانم خلال القرن السادس عشر، وأمضى حياته في البحث عن كنز قارون المدفون تحت قصره، والذي ارتكب خطيئة القتل في سبيل العثور على هذا الكنز وفك الرصد (الحامي له)، حتى فقد حواسه واحدة تلو الأخرى وهو يبحث عن هذا الكنز.
استحوذت هذه القصة على اهتمام العديد من صنّاع المسرح المصري، وتمّ تقديمها في رؤى إخراجية مختلفة خلال السنوات الماضية، التزمت معظمها بالنص الذي وضعه الكاتب محمد علي إبراهيم لما تتضمّنه من ثيمات تتعلّق باعتراف الإنسان بأخطائه في اللحظة ذاتها التي يندفع خلالها إنسان آخر لارتكاب الخطأ نفسه.
"رصد خان" عنوان العرض الذي بدأت "فرقة وادي النطرون المسرحية" تقديمه منذ مساء الثلاثاء الماضي على خشبة مسرح قصر الثقافة في مدينة وادي النطرون (150 كلم غرب القاهرة) من إخراج حسين عبد الكريم، والذي يتواصل لسبعة عروض.
تُفتتَح المسرحية بمشهد ابن غانم ملقى على أرض قصره، يسمع بعض الأصوات الخفية تناديه، ليكتشف المشاهد أنها روحه المعذّبة، وأن سجايا- وهي واحدة من أحفاده- التي تسكن القصر؛ تجمع جميع أحفاد ابن غانم داخل القصر في هذه الليلة التي تدور خلالها أحداث العرض، وتنبئهم بأن لديهم تركة جدهم.
تجري هذه الأحداث بعد نحو ثلاثمائة عام من رحيل الجد، الذي ترك أحفاداً يتمايزون في صفاتهم وسلوكياتهم؛ فمنهم العالم والنخاس والبلطجي والمومس والمتسول والجندي، وبعد التقائهم جميعاً يبدأ الصراع بينهم لتظهر دواخل كلّ منهم، وليكتشفوا أنهم محبوسون داخل القصر، وأن باب الخروج قد أغلق عليهم بجدارية منقوش عليها بعض النقوش الفرعونية، التي تنبئ بأن الكنز مدفون في الأرض الخامسة، وكلما قُتل أحدهم ارتقى الكنز درجة حتى يصل إلى الأرض الأولى.
وفي هذه اللحظة، تبرز المؤامرة التي تحيكها سجايا بأن تقتل الجميع أملاً في أن تفوز بالكنز، إلا أنها تتحول إلى ذات معذبة كجدها ابن غانم الذي فقد حواسه واحدة تلو الأخرى، وتختبر جيداً معنى الفناء البشري وزوال اللذة في رحلة البحث عن معرفة ما إن يصل إليها المرء حتى تسيطر عليه وتتحكّم بأفعاله.
يُذكر أن علي أبو المجد كتب أشعار العمل الذي وضع ألحانه محمد شحاته، بينما صمّم الديكور مروان السيد، وأعدّ الكوريوغرافيا أحمد المغربي، وأعدّ المواد الفيلمية أحمد غمري، واشترك في التمثيل كلّ من محمود نبيل زكي، ومحمد حسن، وأمين محمد فوزي، وعمرو السيد، وندى نبيل، وراغب درويش، وهشام هديب، وأسماء طاحون، ويوسف محسن، وأميره عبد السلام، وغادة إبراهيم، وإيمان يوسف.