"تونس وجهتنا": الوجه المضاء وحده من المدينة العتيقة

21 ابريل 2022
من مدينة تونس العتيقة (Getty)
+ الخط -

تعيش مدينة تونس العتيقة، في نهاية كلّ أسبوع من شهر رمضان، على وقع تظاهرة تحمل عنوان "تونس وجهتنا"، وهي تجمع بين فنون بصرية عدّة، في محاولة لإضاءة معالم المدينة وتاريخها. 

كانت البداية يوم 15 نيسان/ إبريل الماضي، إذ جرى خلال ثلاثة أيام متتالية تقديمُ عدد من الفعاليات، التقط فيها المشاركون صوراً لما وقعت عليه عدساتُهم، بينما عرضتْ تلكَ اللقطات شاشةٌ عملاقة باستخدام تقنية "الفيديو مابينغ". تبدأ الجولة من باب البحر (الحي الرابط ما بين القسمين العتيق والحديث من العاصمة)، وتنتهي إلى كنيسة "سانت كروا" الواقعة قرب أعرق الشواهد الحَضريّة والدينيّة في تونس، جامع الزيتونة.

المركزية التي أُعطيتْ للكنيسة في مسار "تونس وجهتنا"، يمكن تفسيرها بكونها مموّلة بمِنح من الاتحاد الأوروبي، وهذا المعطى يفسّر أيضاً الدّرب في مجمله، فهو يُساير ما هو سياحيّ فقط من منشآت تراثيّة مختلفة، في حين أن هذه الأخيرة لا تمثّل سوى جزء بسيط من فضاء اجتماعي ومعماري واسع ومعقّد، لا يبدو أن إضاءته جزء من الاهتمامات المباشرة للقائمين على الحدث.

تستفيد التظاهرة من مركزية المدينة العتيقة في هذا الوقت من رمضان

غداً الجمعة، ستبدأ جولة جديدة، وسيمرّ المشاركون فيها بالأزقّة والشوارع الضيقة للتجارات الحِرفية، ومن ثم يعبرون إلى فضاء "بير الأحجار"، هناك يقام معرض للوحات تستوحي مواضيعها من روح المكان التقليديّة، وينتهي الطواف عند "ساحة التريبونال" التي شهدت في السنوات الأخيرة اهتماماً ملحوظاً، وهذا ما جعلها تبدو - مثل عدد قليل من الأماكن الأخرى - خارج المشهد العام للمدينة العتيقة، الذي يتميّز بالفوضوية والكثافة السكانية وعدم الانضباط. 

تستفيد "تونس وجهتُنا" من أصالة المدينة العتيقة ومركزيتها في هذا الوقت من رمضان، إذ يزورها التونسيون من كلّ صوب، لاقتناء الملابس التقليدية ليوم العيد أو ابتياع حاجاتهم من المأكولات والمواد التراثية، أو للاستمتاع بروحانيّة المكان، وهذا ما يمدّ الفعالية بالحيويّة الناجمة من مشاركة الجمهور وتفاعله العفوي مع المُصوِّرين.

وكما في الأسبوع الماضي، يمتد الطواف لأيام ثلاثة، قبل أن ينقطع إلى نهاية الأسبوع الموالي، أي بين يومي 28 و29 هي الأيام الأخيرة من شهر رمضان، التي يزداد فيها تدفّق التونسيّين على مدينة تونس العتيقة لحضور عدد من التجمعات الدينية أو استكمال ما يقتنونه للعيد.

يبقى أنّ الفعالية التي تعتمد على حماسة الشباب في تصوير حواضر مدينتهم العمرانية، تقف عند الجانب المضاء منها فحسب، فتكتفي بشوارع تَلقى عناية كبيرة من البلدية نظراً لمردوديّتها السياحية مثل "نهج الباشا" و"قصر خير الدين" و"نهج جامع الزيتونة"، مشيحةً النظر عمّا هو أبعد من ذلك بقليل، ولعلّ مثل هذه التظاهرة فرصة كي يضاء الجانب المظلم منها، الذي يظهر فيه الترهّل المعماري والفقر. لكنْ، كيف التصوير في شوارع ليس فيها فوانيس؟

المساهمون