كثيراً ما تُطرح أسئلة عن الأدوار التي يمكن أن تلعبها العلوم الاجتماعية عربياً من قبيل؛ هل يمكن أن تقدّم رواية مضادة لتلك التي وضعها خبراء الغرب في المرحلة الاستعمارية؟ هل تؤثّر الأبحاث الاجتماعية في القرار السياسي؟ إلى غير ذلك من الأسئلة.
تساهم مثل هذه الأسئلة في تأصيل العلوم الاجتماعية عربياً، ومع مرور أكثر من نصف قرن على بداية ممارستها بشكل منهجي - أكاديمي على الأقل - بدأت تظهر أسئلة جديدة منها: كيف نكتب تاريخ العلوم الاجتماعية؟
سؤال يتصدّى له عمل جماعي صدر مؤخراً في تونس بعنوان "كتابة التاريخ الاجتماعي للسوسيولوجيا في تونس" في طبعة مشتركة بين "منشورات محمد علي الحامي" ومكتب شمال أفريقيا لـ"مؤسسة روزا لوكسمبورغ"، وقد أشرف عليه الباحث التونسي حمدي عُنينة.
شارك في كتابة مقالات الكتاب كل من: قمر بن دانة، ومنصر الرويسي، والعروسي العمري، وعبد اللطيف الهرماسي، وبيير روبير بوديول، ورضا بوكراع، وحسن موري، ونزيهة مصباح.
يلفت تقديم الكتاب إلى أن تاريخ العلوم الاجتماعية، والعلوم بشكل عام، يؤكّد على أن كل تطوّر ينبع من قراءة نقدية لكل حقل معرفي من الداخل، وهو ما يصبو إليه الكتاب بوضع علم الاجتماع في تونس موضع سؤال، ومحاولة تفسير الإعاقات التي يتعرّض إليها.
تشير المقدّمة إلى مفارقة وجود كمّ من الأبحاث في علم الاجتماع لكنها لا تعني وجود تراكم، ويمثّل غياب قراءات في تاريخ علم الاجتماع في تونس سبباً قد يفسّر غياب هذا التراكم. يجري التنبيه أيضاً في المقدّمة إلى غياب حقول معرفية ضرورية لازدهار علم الاجتماع مثل التاريخ الثقافي.