"بانيبال" في عدد إسباني خامس: إصرار على تقديم الأدب العربي

24 اغسطس 2021
سعدي يوسف
+ الخط -

على الرغم من جميع الصّعوبات التي لا تزال ترافق مجلة بانيبال للأدب العربي المعاصر، بنسختها الإسبانية، والتي صدرَ عددها الأول في مارس/آذار 2019، بدءاً من تلك المتعلقة بوباء كورونا، مروراً بعمليات الطباعة التي تجري في لندن ثم توزيعها ونشرها في إسبانيا ودول أميركا اللاتينية في ظل الوباء، وانتهاء بندرة معارض الكتب والفعاليات الثقافية والعروض والقراءات بسبب القيود التي فرضها الفيروس على السفر والشحن والتجمعات، لا يزال كل من مارغريت أوبانك، مديرة المجلة، والكاتب العراقي صموئيل شمعون، رئيس تحريرها، يعملان بإرادة وتصميم على تذليل جميع هذه العقبات إيماناً منهما بضرورة ترجمة الأدب العربي إلى الإسبانية ونشره وإيصاله إلى ذلك الجزء من العالم الذي يتحدث الإسبانية، والذي يكاد أن يكون فيه حضور الأدب العربي المُترجم منعدماً، باستثناءات نادره وفي دوائر ضيقة، لا سيما الأكاديمية منها. 

ها هو العدد الخامس من المجلة في نسختها الإسبانية لصيف عام 2021 يصدر، وقد خصصت افتتاحية العدد لتكريم الشاعر العراقي الراحل سعدي يوسف، الذي غادر عالمنا مؤخراً، حيث تحدثت مارغريت أوبانك في الافتتاحية عن علاقتها بسعدي الذي تعرفت عليه في العام 1999، وجمعتهما صداقة، واصفةً إيّاه بالشاعر العالمي الذي رفض فكرة المنفى رغم أنه عاش طيلة حياته خارج وطنه الأم العراق. 

وفي الإطار نفسه يستذكر الناقد والمترجم الألماني شتيفان فايدنر تجربة الشاعر سعدي يوسف واصفاً إياه بشاعر التفاصيل اليومية والواقع المادي الذي يحيط بنا. في حين كتب عباس بيضون عن تجربة سعدي يوسف معتبراً إياه واحداً من الشعراء القلائل الذي يبحثون بشكل مستمر عمّا لا يوصف ضمن تجرية الحياة اليومية. أما جعفر العلوني فقد وصف الراحل العراقي بأنه شاعر استطاع أن يكتشف في العالم أشياء غير مسبوقة. وفي نهاية ملف التكريم، نشرت مجموعة من قصائد سعدي بترجمة ماريا لويسا بريتو، إضافة إلى مجموعة من الصور التي علّق عليها صموئيل شمعون.

يحمل العدد تحية للراحلين سعدي يوسف ولميعة عبّاس عمارة

يضمّ العدد نخبة من مترجمي الأدب العربي إلى الإسبانية وأسماء جديدة تقدّم مساهمتها في السنوات الأخيرة، حيث نعثر على أسماء: بيلار كليمنتي، و سلفادور بينيا، وهلا نسلي، وكوبادونغا براتيش، وإغناسيو غوتيريس، وماريا لوث كوميندادور، وألفارو فيار، وماريبيل غونزاليس مارتينيز، وجعفر العلوني، وجوسلين ألمايدا، وماريا لويسا بريتو، وميغيل خوسيه بويرتا. 

احتوى العدد الجديد على العديد من المواد المتنوعة بين الشعر والقصة والرواية. ففي الشعر، ضم العدد تقديماً لثلاثة أصوات شعرية معاصرة مع مختارات من قصائدها؛ الشاعر الفلسطيني الزميل نجوان درويش، حيث نشرت قصائد من ديوانه "تَعِبَ المعلَّقون"، كما نشرت مجموعة قصائد للشاعر الليبي خالد مطاوع، إضافة إلى مجموعة من قصائد الشاعر المصري جرجس شكري. 

بانيبال

وفي باب الرواية نشرت المجلة فصلاً من رواية "أرواح أدو" للكاتبة السودانية استيلا قايتانو، وفصلين من رواية "مسيح دارفور" للروائي السوداني عبد العزيز بركة ساكن، كذلك فصلين من رواية "ألماس ونساء" للكاتبة السورية لينا هويان الحسن؛ وثلاثة فصول من رواية "النوم في حقل الكرز" للكاتب العراقي أزهر جرجيس، وفصلين من رواية "حطب سراييفو" للكاتب الجزائري سعيد خطيب. 

أمّا في باب القصة، فقد نشرت ثلاث قصص قصيرة من مجموعة "الطلبية C345" للكاتبة الفلسطينية شيخة حليوى، إضافة إلى قصة "دراجة تعيد رفيق الحزب القديم" للكاتب المصري حسن عبد الموجود، ومجموعة من القصص للكاتب الإماراتي سلطان العميمي من مجموعته القصصية "كائن أزرق أو ربما". 

في باب المراجعات الأدبية، كتب الشاعر ترينو كروز تحت عنوان "قوة الحياة. الشاعر الذي يحاور الزمن"، عرضاً موسعاً يتناول فيه تجربة الشاعر الفلسطيني نجوان درويش كما قرأها في ديوانه "تَعِبَ المعلَّقون" الذي صدر في أميركا عن منشورات نيويورك ريفيو بوكس، وستصدر ترجمته الإسبانية قريباً. كذلك كتبت حنان جاسم عرضاً تناولت فيه رواية "شارع الغفران" للكاتب المغربي ماحي بينبين. في حين كتب الناقد الأميركي ويليام هتشينز عرضاً تناول فيه رواية "لا نسبح في النهر مرتين" للروائي التونسي حسونة المصباحي. وقامت سارة سليم بكتابة عرض لرواية "حطب سراييفو". 
في باب شهادات أدبية وتحت عنوان "أطياف ألف ليلة وليلة"، تتحدث الكاتبة المصرية منصورة عز الدين عن أهم الأعمال الأدبية والأدباء الذي أثروا على مسيرتها الأدبية، وكان لهم دور كبير في كتاباتها. 

وفي ختام العدد نشر تقرير تناول الفائزين في جوائز الشيخ زايد للكتاب للعام 2021. أما الصفحة الأخيرة من المجلة فقد خصصت للشاعرة العراقية لمعية عباس عمارة، حيث نشرت لمحة عن حياتها، إضافة إلى قصيدة "عندما تغيب". بالنسبة لغلاف العدد، فهو لوحة للفنانة العراقية عفيفة لعيبي حملت عنوان "حريق برج بابل". 

تبدو بانيبال في عددها الجديد على موعد مع الانفجارات الأدبية، موعد مع الفكر والكتابة، شعراً، قصةً ورواية، لتكون، في ذلك، نافذة جديدةً وجسراً يعزز الحوار المباشر والفعّال والضروري بين نصوص أدبية عربية وقارئ اللغة الإسبانية، سواء على صعيد الشكل أو المضمون.

المساهمون