كثيراً ما تُثار ملاحظاتٌ حول ضعف النصوص الأدبية التي تتضمّنها المقرّرات الدراسية في الجزائر، والتي لا تنفكُّ تتغيَّر بدعوى إدخال إصلاحاتٍ على المنظومة التعليمية. وهذه الملاحظاتُ تنتهي في العادة إلى طرح تساؤُل حول معايير اختيار تلك النصوص، مِن دون تقديم إجابات وافية لهذا التساؤل.
تحت عنوان "النصُّ الأدبي في الكتاب المدرسي في الجزائر: الحضور والأشكال"، يُقيم "مركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية" بمدينة وهران، غرب الجزائر، ندوةً علمية تنطلق عند التاسعة من صباح الأحد المقبل، 11 نيسان/ إبريل 2021، بمشاركة عددٍ من الباحثين والأكاديميّين الجزائريّين.
تندرج أشغال الندوة ضمن مشروع بحثي أطلقه المركز بعنوان "مدوّنةُ نصوصٍ أدبية لفائدة معلّمي الكُتب المدرسية"، والذي تناول خلال سنتَين مسألةَ حضور النصوص الأدبية في الكتاب المدرسي للمرحلة الثانية، وقارَب محاولات التوفيق بين الغايات البيداغوجية التي يحتكم إليها معدّو الكُتب المدرسية مِن جهة، وبين الأبعاد الجمالية التي ترتبطُ بطبيعة النصّ الأدبي مِن جهة ثانية.
وضمن هذا المشروع، أُنجزت العديد مِن الأبحاث التي تناولت مواضيع مختلفة؛ تتعلَّق بقضايا مثل الهوية الوطنية، والمواطنة، وأُقيمت ندواتٌ علمية مِن بينها ندوةٌ نُظمت نهاية العام 2019 تحت عنوان "الكتاب المدرسي وسؤال المواطنة في الجزائر".
يجري، خلال الندوة، عرض نتائج دراسة ميدانية حول الكتب المدرسية
وتقترح الندوةُ الجديدةُ محورَين للنقاش؛ يحمل الأوّل عنوان "النصوص الأدبية في الكتاب المدرسي"، ويُعالج المشاركون فيه مسألة حضور النص الأدبي في الكتاب المدرسي الخاص بمادّتي اللغة العربية واللغة الفرنسية، في "محاوَلة لفهم آليات انتقاء النصوص واستقراء المؤشّرات التي تتحكم في هذه الانتقائية، والتي قد تتأثّر بأيديولوجيا المؤلِّف أو المؤسّسة أو المنظومة القيمية أو الغايات التعليمية، وتموضُع الجانب الفنّي الجمالي ضمن هذه المؤشّرات، إضافةً إلى طرح أهمية التلقّي وصناعة الذوق الفنّي عند التلميذ، مِن خلال البحث في ميكانيزمات تطوير الذائقة الفنية وتحقيق الامتاع"، وفق بيان المنظّمين.
ضمن هذا المحور تُقام الجلسة الأولى التي يترأّسها الأكاديمي محمد حيرش بغداد، وتُقدَّم فيها ثلاث أوراق؛ هي: "الانتقائية في النصوص الأدبية في الكتاب المدرسي لمرحلة الثانوي: قراءة في نتائج دراسة إحصائية" لفوزية بوغنجور، و"الأدبية والبعد الثقافي في النص المدرسي" لفتيحة فرحاني، و"كيف نطوّر ذوق القراءة لدى الطفل" لأحمد تيسا، وتُختتم الجلسة بتعقيب للأكاديمي حاج ملياني.
ويُناقش المحور الثاني، الذي يحمل عنوان "إنتاج الكتاب المدرسي في الجزائر"، سيرورات تأليف الكتاب المدرسي واختيار المدوّنات، اعتماداً على تجارُب التأليف والمراجعة والتقييم، كما سيجري عرض نتائج عمل ميداني قام به المركز في هذا المجال.
ويترأّس الجلسة الثانية الأكاديمي فؤاد نوار، وتُقدّم خلالها ثلاث أوراق؛ هي: "مؤلّفو الكتاب المدرسي ورهانات اختيار النصوص" لجيلالي المستاري، و"تجربتي في تأليف الكتاب المدرسي" لشريفة غطاس، و"مسار إنتاج الكتاب المدرسي في الجزائر من خلال خطاب الفاعلين" لنسيمة حميدة، وتُختَتم بتعقيب من الأكاديمي عبد الحميد كريداش.
وبحسب المنظّمين، فإنّّ الندوة "تطمح إلى تعميق آفاق البحث المستقبلية للمشروع، من خلال مواصلة العمل وفق رؤية مغاربية تشمل بلدان المغرب العربي الثلاثة: الجزائر وتونس والمغرب".