قلما يقبل نقّاد الأدب أن ينظروا إلى كلمات الأغاني باعتبارها أدباً في حدّ ذاته، وقد فوجئ العالم ذات يوم من خريف 2016 حين أسندت جائزة نوبل للأدب إلى المغني وكاتب الأغاني الأميركي بوب ديلان، وهو ما اعتبر وقتها اعترافاً من المؤسسة الدولية للأدب بهذا الشكل الإبداعي.
ضمن هذا المدّ، صدر مؤخراً كتاب "النصوص الفوضوية" للفنان الفرنسي جورج براسنس (1921 - 1981)، والذي جمع فيه الباحث فريديريك بوري نصوص أغاني صاحب أغنية "الكراسي العمومية".
صدر الكتاب عن منشورات "مو إي لورست"، وهو يبدو دعوةً لقراءة أعمال براسنس بعيداً عن كونها أغاني، ومن ذلك اعتماد توصيف الفوضوية الذي يضعه ضمن تيّار فكري وإبداعي مؤثر خلال النصف الأول من القرن العشرين.
يُذكر أن تجربة سابقة في نشر كلمات الأغاني باعتبارها ديواناً شعرياً قد حققّت نتائج بارزة حين صدر كتاب "البذرة السيئة" للفنان الفرنسي ليو فيري، وبعد ذلك الإصدار، بدأ النقاد والأكاديميون في اعتماد نصوص فيري باعتبارها شعراً كما أكّدوا أن أعماله تحمل كل مقوّمات الشعرية.
يرى فريدريك بوري أن أهمية نشر نصوص براسنس لا تكمن فقط في كونها تغيّر نظرتنا إلى كتاباته، بل لأنها أيضاً وثيقة تاريخية عن تحوّلات المجتمع الفرنسي خلال عقود منتصف القرن العشرين وتمثّل لغة الأغنية من بين أبرز المؤشرات حول هذه التحولات.